يستهجن التصريح به ، وهذه صفات أهل الكرامة ، فهم شرفاء يترفعون عن اللغو من الكلام ، فلا يستمعون اليه ، وعن اللغو من الاعمال ، فلا يقبلون عليها ، بل يعرضون عنها.
وليس من شأن المسلم المتحلي بفضيلة الكرامة أن يرد على السفه بسفه مثله ، ولا أن يجاوب على اللغو بلغو من قبيله ، وكيف والقرآن الكريم يقول في صفات المؤمنين : «وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ».
والقائل الحكيم يقول :
اذا نطق السفيه فلا تجبه |
|
فخير من اجابته السكوت |
اذا جاوبته فرجت عنه |
|
ولو أهملته كمدا يموت |
والقائل الآخر الكريم على نفسه يقول :
وكلمة حاسد في غير جرم |
|
سمعت فقلت مري فانفذيني |
فعابوها عليّ ولم تسؤني |
|
ولم يعرق لها أبدا جبيني |
وذو اللونين يلقاني طليقا |
|
وليس اذا تغيّب يأتليني |
سمعت بعيبه فصفحت عنه |
|
محافظة على حسبي وديني |
والكرامة لها مواطن كثيرة ، فهناك الكرامة في التفكير ، فالكريم على نفسه لا يفكر في مقابح الامور ، والكرامة في القول تمنع صاحبها أن ينطق بفحش ، أو يجادل في باطل ، أو يماري فيما لا يفيد ، والكرامة في العمل لا يفعل صاحبها عملا يسيء الى سمعته أو مكانته ، والكرامة في الصحبة هي التي تمنع صاحبها أن يصادق اللئام ، أو يخادن الطغام ، والكرامة في النظرة تجعل صاحبها لا يتوقع ولا يتبجح لينظر الى شيء غيره ، أو ما يباح النظر اليه ، والكرامة في الاستماع تصون أذن صاحبها عن التجسس وتتبع العورات ، والكرامة في معاملة الغير ، تجعل صاحبها يمنع نفسه عن الاساءة اليهم في قول أو عمل أو اشارة أو ظن أو حكم ،