«وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ»(١).
وللمفسرين في هذا النص الكريم أقوال منها : طهّر عملك ، لأنهم يقولون لمن يحسن العمل : فلان طاهر الثياب ، وللخبيث العمل : فلان خبيث الثياب. أو : طهر قلبك ونفسك من الاثم والذنوب ، أو طهر دينك وخلقك ، أو طهر جسمك وملابسك ، أو طهر نفسك من المعايب.
ومما يحتمل طهارة الحس والنفس وصف السنة النبوية للزكاة بأنها طهرة للمال ، وأن زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو.
* * *
وللتطهر في الاسلام مراتب ، وتبدأ هذه المراتب بتطهير الحس عن النجاسة والاقذار والاخباث ، ثم يأتي التطهر لاعضاء الجسم عن الجرائم والاثام ، ثم يأتي تطهر القلب عن الرذائل والاخلاق الذميمة ، ثم يأتي تطهر السر عما سوى الله جل جلاله ، وهذه المرتبة الاخيرة هي مرتبة الانبياء والصديقين.
ولقد أشار الغزالي الى هذه المراتب ، وذكر ان طهارة الظاهر تكون بالماء ، وطهارة الباطن تكون بالفضائل ، ثم يذكر أن أهم الامور هو تطهير السرائر ، اذ يبعد أن يكون المراد من قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الطهور نصف الايمان» عمارة الظاهر بالتنظيف بافاضة الماء والقائه ، مع تخريب الباطن وابقائه مشحونا بالاخباث والاقذار ، هيهات هيهات.
ومما يشرف شأن التطهر أن يقول الحق جل جلاله :
«إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا
__________________
(١) سورة المدثر ، الآية ٤.