وحينما يتحدث القرآن المجيد عن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، ويخبر عنه بقوله : «فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» لا يشتغل الصوفية هنا بالحديث عن طهارة الحس ، بل يستبد بهم الحديث عن الطهارة الاخلاقية ، فيفسرون هذا النص الكريم على الوجه التالي :
يتطهرون عن المعاصي ، وهذه سمة العابدين.
ويتطهرون عن الشهوات والاماني ، وتلك صفة الزاهدين.
ويتطهرون عن محبة المخلوقين ، ثم عن شهود أنفسهم بما يتصفون ، وتلك صفة العارفين. ويتفننون في التعليق على قوله : «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» بالصورة التالية :
يقال : يحب التوابين من الذنوب ، والمتطهرين من العيوب.
ويقال : التوابين من الزلة ، والمتطهرين من التوهم أن نجاتهم بالتوبة.
ويقال : التوابين من ارتكاب المحظورات ، والمتطهرين من المساكنات والملاحظات.
ويقال : التوابين بماء الاستغفار ، والمتطهرين بصوب ماء الخجل بنعت الانكسار.
ويقال : التوابين من الزلة ، والمتطهرين من الغفلة.
ويقال : التوابين من شهود التوبة ، والمتطهرين من توهم أن شيئا بالزلة ، بل الحكم ابتداء من الله تعالى ...
وحينما يتعرضون للتعليق على قول الله تبارك وتعالى في سورة التوبة : «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها» يذكرون هذا التفسير :