ولذلك قيل ان الحكمة مجموعة معان من العلم ، والعدل ، والتنظيم ، والتقويم.
وكأن هذا هو ما أشار اليه الحديث القائل : «في رأس كل عبد حكمة ـ بفتح الحاء والكاف ـ اذا همّ بسيئة فان شاء الله أن يقدعه بها قدعه» أي ان شاء أن يمنعه بها من سوء التصرف منعه. فكأن هذه القوة الاخلاقية الموجودة في نفس الانسان تقف منه موقف الديدبان الحارس الذي يهتف بصاحبه : حذار أن تفعل هذا ، ولا تنس أن تفعل ذلك.
ولذلك لم يكن غريبا أن نجد كلمات بليغات لأئمة من السلف عن الحكمة توحي بمعان أخلاقية فيها ، فيقول مالك بن أنس : الحكمة التفكر في أمر الله والاتباع له.
ويقول : الحكمة طاعة الله ، والفقه في الدين ، والعمل به.
ويقول الحسن : الحكمة الورع.
ويقول الربيع بن أنس : الحكمة الخشية.
ويقول أسلم بن زيد : الحكماء هم العلماء ، وهم الراضون عن الله عزوجل اذا سخط الناس ، وهم جلساء الله غدا بعد النبيين والصديقين.
ويقول أبو بكر الوراق : الحكماء خلف الانبياء ، وليس بعد النبوة الا الحكمة ، وهي احكام الأمور.
ولقد أعطى أئمة التوجيه الروحي والاخلاقي ملامح للحكمة وللحكيم ، فمن ملامحها الاقتصار على التكلم بالحق والصدق ، ولذلك يقول أبو عثمان المغربي : «الحكمة هي النطق بالحق». وكذلك من ملامحها الميل الى الصمت أكثر من الميل الى الحديث ، مع وزن الكلمة قبل