هكذا ذكر «تفسير المنار» ، ثم أضاف :
«ولما كان اتباع الصراط المستقيم وعدم التفرق فيه هو الحق الموحد لأهل الحق الجامع لكلمتهم ، وتوحيدهم وجمع كلمتهم هو الحافظ للحق المؤيد له والمعز لأهله ـ كان التفرق فيه بما ذكر سببا لضعف المتفرقين وذلهم وضياع حقهم ـ فهذا التفرق حل باتباع الانبياء السابقين ما حل من التخاذل والتقاتل والضعف وضياع الحق ، وقد اتبع المسلمون سننهم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى حلّ بهم من الضعف والهوان ما يتألمون منه ويتململون.
ولم يردعهم عن ذلك ما ورد في التحذير منه في كتاب الله تعالى وأحاديث رسوله صلىاللهعليهوسلم وآثار الصحابة والتابعين ، ولا ما حل بهم من البلاء المبين ، ولم يبق بينهم وبين من قبلهم فرق الا في أمرين (أحدهما) حفظ القرآن من أدنى تغيير وأقل تحريف ، وضبط السنة النبوية بما لم يسبق له في أمة من الامم نظير (وثانيهما) وجود طائفة من أهل الحق في كل زمان تدعو الى صراط الله وحده ، وتتبعه بالعمل والحجة ، كما بشر به صلىاللهعليهوسلم ولكن هؤلاء قد قلوا في القرون الاخيرة ، وكل صلاح واصلاح في الاسلام متوقف على كثرتهم.
فنسأله تعالى أن يكثرهم في هذا الزمان ويجعلنا من أئمتهم ، فقد بلغ السيل الزبى. روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس في قوله (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) وقوله (أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) ونحو هذا في القرآن قال : «أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والفرقة وأخبرهم أنه انما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات».
* * *
واذا كنّا قد أخذنا لمحات عن حديث القرآن الكريم عن فضيلة