برسول الله عليه الصلاة والسّلام في جميع ما صح عنه من أخلاقه ، وأفعاله وأحواله ، وأوامره ، ونواهيه ، وندبه ، وترغيبه ، وترهيبه ، الا ما قام الدليل على خلافه كقوله عزوجل : «خالصة لك من دون المؤمنين» وقول النبي عليه الصلاة والسّلام في الوصال : لست كأحدكم ، وقوله عليه الصلاة والسّلام في حديث الاضحية لأبي بردة : اذبح ينار ، ولا تجزى عن أحد بعدك ، وما يشبه ذلك مما يقوم عليه الدليل من نص الكتاب والآثار. فأما ما روي عن رسول الله عليه الصلاة والسّلام في الحدود والاحكام والعبادات : من الفرائض والسنن والامر والنهي والاستحباب ، والرخص والتوسيع ، فذلك من أصول الدين وهو مدون عند العلماء والفقهاء ، ومستعمل فيما بينهم ومشهور عندهم ، لانهم الائمة الحافظون لحدود الله ، المتمسكون بسنن رسول الله عليه الصلاة والسّلام. الناصرون لدين الله عزوجل يحفظون على الخلق دينهم ويبينون لهم الحلال من الحرام ، والحق والباطل فهم حجج الله تعالى على خلقه ، والدعاة له في دينه ، فهؤلاء هم الخاصة من العامة. فأما الخاصة من هؤلاء الخاصة : لما أحكموا الاصول ، وحفظوا الحدود ، وتمسكوا بهذه السنن ، ولم يبق عليهم من ذلك بقية ، استبحثوا أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي وردت في أنواع الطاعات ، والآداب ، والعبادات ، والاخلاق الشريفة ، والاحوال الرضية ، وطالبوا أنفسهم بمتابعة رسول الله عليه الصلاة والسّلام ، والاسوة به ، واقتفاء أثره بما بلغهم من آدابه ، وأخلاقه ، وأفعاله ، وأحواله فعظموا ما عظم ، وصغّروا ما صغر ، وقللوا ما قلل ، وكثروا ما كثر. وكرهوا ما كره واختاروا ما اختار ، وتركوا ما ترك ، وصبروا على ما صبر ، وعادوا من عادى ، ووالوا من والى ، وفضلوا من فضل ، ورغبوا فيما رغب ، وحذروا ما حذر ، لأن عائشة رضي الله عنها ، سئلت عن خلق رسول الله عليه الصلاة والسّلام؟ فقالت كان خلقه القرآن ، تعني موافقة القرآن. وروي