أي عن الحق الذي هو التوحيد ، إلى الضلال الذي هو الشرك ، وأنتم تعترفون بأنه الخالق كل شيء.
القول في تأويل قوله تعالى :
(كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٣)
(كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أي ثبت حكمه وقضاؤه على الذي تمردوا في كفرهم ؛ وخرجوا إلى الحد الأقصى فيه. وقوله (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) بدل من الكلمة ، أي حق عليهم انتفاء الإيمان. وعلم الله منهم ذلك. أو أراد بالكلمة العدة بالعذاب ، (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) تعليل بمعنى (لأنّهم لا يؤمنون) أفاده الزمخشري ـ أي كقوله تعالى : (قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) [الزمر : ٧١] ، وقوله تعالى : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) [الزمر : ١٩] ، قيل : (الَّذِينَ فَسَقُوا) مظهر وضع موضع ضمير المخاطبين للإشعار بالعلية ، و (الفسق) هنا التمرد في الكفر ، فآل الكلام إلى أن كلمة العذاب حقت عليهم ، لتمردهم في كفرهم ، ولأنهم لا يؤمنون ، وهو تكرار. وأجيب بأنه تصريح بما علم ضمنا من (الَّذِينَ فَسَقُوا) ، أو دلالة على شرف الإيمان بأن عذاب المتمردين في الكفر بسبب انتفاء الإيمان.
ثم احتجّ أيضا على حقّية التوحيد وبطلان الشرك بما هو من خصائصه تعالى ، من بدء الخلق وإعادته ، فقال سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣٤)
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي من يبدؤه من النطفة. ويجعل فيه الروح ليتعرف إليه ، ويستعمله أعمالا ، ثم يحييه يوم القيامة ، ليجزيه بما أسلف في أيامه الخالية. وإنما نظمت الإعادة في سلك الاحتجاج ، مع عدم اعترافهم بها ، إيذانا بظهور برهانها ، للأدلة القائمة عليها سمعا وعقلا ، وإن إنكارها مكابرة وعنادا لا يلتفت إليه ، وإشعارا بتلازم البدء والإعادة وجودا وعدما ، يستلزم الاعتراف به الاعتراف بها. ثم أمر عليه الصلاة والسّلام بأن يبين لهم من يفعل ذلك ، فقيل له : (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي فكيف تصرفون إلى عبادة الغير ، مع