الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢٧) لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٢٨) قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٣٠))
قوله تعالى : (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) تولج دخان البشرية في سلطان صفاء التوحيد ، وأيضا تلاشي ظلمة النفوس في أنوار الأرواح ، وأيضا أفنى ظلمة الطبائع في صفاء القلوب ، وأيضا تحرق سجوف ليالي الهجران بطلوع شموس العرفان ، وأيضا تخرق حجب الحدوئية عند ظهور سناء قدس الصمدية ، وأيضا ترفع قوام الملكوت حين تبرز أنوار جمال الجبروت.
(وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي : تفني أنوار الأسرار في أطباق ظلمات الطباع ، وأيضا أي : تسبل حجاب الفناء على وجوه أهل البقاء ، وأيضا : (وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) حين كسفت شمس المعرفة في منازل النكرة ، وغلبت ظلمة الفترة على نور المعاملة.
(وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) أي : تخرج أشجار أنوار المعرفة بكشف جمال المشاهدة من القلوب الميتة بتواتر الفترة.
وأيضا : تخرج أرواح القدسية بأصوات جرس الوصلة عند غلبات الوجود من الأشباح المضمحلة ، تحت أثقال سلطان كشف توحيد الوحدانية إلى فضاء السرمدية لتجول في سرادق الكبرياء ، وخيام الملكوت ، طلبا لمشاهدة جمال الجبروت.
وأيضا : يخرج العارف العاشق من العامي الغافل ، وأيضا أي : مياه دموع العارفين بنيران الوجد من قلوبهم الخالية عن آثار المشاهدة (وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) أي : العامي من الولي الحي بالمعرفة ورؤية مشاهدة خالق الخلق جل وعز.
وأيضا : إذا يبست عيون المعرفة في قلوب العارفين من حرارة امتحان القهر يخرج منها حنظل الشرك مكان سكر التوحيد ، وعصاه الشك مكان نرجس اليقين ، وأورقت فيها أشجار الغفلة بأوراق هموم المذمومة ، ويبست رياحينها بانقطاع عنها مياه صفاء المعاملة (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) أي : من هذه المقامات المختلفة بغير رؤية ولا تدبير الإنسانية.
وأيضا : ترزق العارفين مقام المشاهدات وترزق المشتاقين مقام المكاشفات ، وترزق المحبين مقام المداناة وترزق الموحدين مقام البقاء ، والفناء ، والصحو ، والسكر ، والاتحاد ،