النار يتعاوذون ، فقال عليهالسلام : «عرفت فالزم» (١).
وقال ابن عطاء في قوله : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ) : صدقنا وأقمنا على طريق الصدق معه ؛ لأنه الذي كتب علينا الإيمان ، وخصّنا في علمه قبل أن أوجدنا ، فنحن مؤمنون به بسابق فضله علينا.
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥) كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٩١))
قوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) أي : من يروم مشاهدة الربوبية بغير العبودية لم يكشف له مقامات الصّديقين والمقربين ، وأيضا أصل جميع الحقائق ينوط بالإسلام والانقياد عند مراد الحق ، والإشارة فيه أنّ من لا يصبر في بلاء الحق ، ويجزع عند نزول المصائب إلى غير الله لم يقبل منه شيء من المعاملات والمجاهدات.
وقيل : من توسل إليه من شيء دون الاعتصام ، فخسرانه أكثر من ربحه.
وقال القاسم : من يأخذ غير الانقياد طريقا في القيد لم يصل إلى شيء من حقيقة العبودية.
وقال مجاهد : من لم يقيد أفعاله بالسنة لا يقبل منه عمل.
وقال سهل : في قوله ومن يبتغ غير الإسلام دينا أنه التفويض ، ومن لم يفوض إلى مولاه جميع أموره لم يقبل منه شيء من أعماله (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا) الآية أي : من فطراه الله على غير استعداد المعرفة وحكم عليه بالكفر في سابق الأزل لم يهده إلى مشاهدة الإيمان واليقين ؛ لأنّ الاستعداد من لوازم المعرفة ، ومن لم يكن له استعداد الطريقة لم يقع في قلبه أنوار التجلي ، ومن خاض في بحر القهر ، ولزم في قهر بعد البعد لم يكن له سبيل إلى حال
__________________
(١) ذكره ابن عجيبة في «البحر المديد» (٥ / ١٠٠).