العالمين في صفات الله ، وبرحمته أدركت عقول المؤمنين شواهد ما أشهدهم الله من بيان الله.
وقيل بإلهيته تفرّدت قلوب عباد الله ، وبتعطّفه صفت أرواح محبيه ، وبرحمته ذكرت نفوس عابديه.
وقيل : (بِسْمِ اللهِ) : ترياق أعطى للمؤمنين ، يدفع الله به عنهم سمّ الدنيا وضررها.
وقال جعفر الصادق : «بسم» : للعامة ، و «الله» : لخاص الخاص.
وقال سهل : «الله» : هو اسم الله الأعظم الذي حوى الأسماء والأسامي كلها ، وبين الألف واللام منه حرف مكنّي غيب من غيب إلى غيبه ، وسرّ من سرّ إلى سرّه ، وحقيقة من حقيقة إلى حقيقته ، لا ينال فهمه إلا الطاهر من الأدناس ، الآخذ من الحلال قواما لضرورة الإيمان.
وقيل : من قال بالحروف ، فإنه لم يقل الله ؛ لأنه خارج عن الحروف والحسوس ، والأوهام ، والأفهام ، ولكن رضي منّا بذلك ؛ لأنه لا سبيل إلى توحيده من حيث لا حال ولا قال.
وحكي أن أبا الحسن النوري بقي في منزله سبعة أيام لم يأكل ، ولم يشرب ، ولم ينم ، ويقول في ولهة ودهشة : الله الله ، وهو قائم يدور ؛ فأخبر الجنيد ، قال : انظروا محفوظا عليه أوقاته ، فقيل : إنه يصلي الفرائض ، فقال : الحمد لله الذي لم يجعل للشيطان له سبيلا ، ثم قال : قوموا حتى نزوره إما أن نستفيد منه ، أو نفيده ، فدخل عليه وهو في ولهه ، فقال : يا أبا الحسن ، ما الذي ولهك؟ قال : أقول : الله ، الله ، زيدوا عليّ ؛ فقال له الجنيد : انظر هل قولك الله الله ، أم قولك : إن كان كنت القائل الله الله ، فلست القائل له ، وإن كنت تقوله بنفسك ، وأنت مع نفسك ، فما معنى الوله؟ قال : نعم المؤدب كنت ، وسكن من ولهه.
أما قوله : (الرَّحْمنِ) رحم على أوليائه باسمه الرحمن ، بتعريف نفسه لهم ؛ حتى عرفوا به أسماءه ، وصفاته ، وجلاله ، وجماله ، وبه خرجت جميع الكرامات للأبدال والصدّيقين ، وبه تهيأت أسرار المقامات للأصفياء والمقرّبين ، وبه تجلّت أنوار المعارف للأتقياء والعارفين ؛ لأن اسم (الرَّحْمنِ) مخبر عن خلق الخلق ، وكرمه على جميع الخلق ، وفي اسمه (الرَّحْمنِ) ترويح أرواح الموحدين ، ومزيد أفراح العارفين ، وتربية أشباح العالمين ، وفيه نزهة المحبين ، وبهجة الشائقين ، وفرحة العاشقين ، وأمان المذنبين ، ورجاء الخائفين.
وقال بعضهم : اسمه (الرَّحْمنِ) حلاوة المنّة ، ومشاهدة القربة ، ومحافظة الحرمة.
وقال ابن عطاء : في اسمه (الرَّحْمنِ) عونه ونصرته.
وقوله (الرَّحِيمِ) : موهبة الخاص لأهل الخاص ، وهو مستند لذوي العثرات ،