قال الأستاذ : فيه آيات ولكن لا يدرك تلك الآيات بأبصار الرؤوس ؛ ولكن ببصائر القلوب.
وقال محمد بن الفضل : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) علامات ظاهرة يستدل بها العارفون على معروفهم.
قوله : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) الرضا والتسليم والانبساط واليقين رضاه حين ألقي في النار وتسليمه في ذبح ولده وانبساطه قوله : (رَبِّ أَرِنِي) [البقرة : ٢٦٠] ويقينه قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) وزيادته مقام المكاشفة ، فالمشاهدة والخلة والفتوة فمن وافق سره سر هذه المقامات ، فقد أدى حق مقام إبراهيم عليهالسلام وأيضا للخليل مقام المعرفة والتوحيد والفناء والبقاء والسكر والصحو فمن ذاق طعم السكر ، وتمكن في الصحو وفني عن أوصاف نفسه ، وبقي على أوصاف الحق بنعت الخلق عليه والتنور بأنوار المعرفة ، والتلبس بلباس التوحيد ، وطار روحه في سنا القدم ، وطاش قلبه في جلال الأبدية وسار سره في الملك الأعلى ، وهام عقله في وادي العظمة والكبرياء ، واطمأنت نفسه في أحكام الربوبية بلا جزع وفزع ، فقد فار برؤية مقام إبراهيم عليهالسلام ؛ لأنه محل التمكين.
قال الأستاذ : مقام إبراهيم عليهالسلام في الظاهر ما باشر بقدمه وهو في الإشارة بما وافق عليهالسلام الخليل بهممه.
وقيل : إنّ شرف مقام إبراهيم ، لأنّه آثر الخليل عليهالسلام وآثار الخليل عند الخليل أثر ، وخطر عظيم.
وقال الشبلي : مقام إبراهيم عليهالسلام هو الخلة فمن شاهد فيه مقام إبراهيم الخليل عليهالسلام فهو شريف ومن شاهد في مقام الحق فهو أشرف.
قال محمد بن علي الترمذي : مقام إبراهيم عليهالسلام هو بذل النفس والولد والمال في رضا خليله فمن نظر إلى المقام ولم يتجل مما تجلى منه إبراهيم من النفس والمال والولد ولم يسلم فقد بطل سفره وخابت رحلته.
(فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٩٧))
قوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) من دخل مقام الإنابة اعتصم بنور الكفاية عن تواتر المعصية ومن دخل مقام الزهد ، فقد استراح من هواجس الوسوسة ، ومن دخل مقام