صفاء العبودية بلغ صفاء الحرية ومن بلغ صفاء الحرية بلغ صفاء الذكر ومن بلغ صفاء الذكر دخل في مشاهدة المذكور وأمن من عذاب القبور.
ومن دخل مقام التفكر غاصت روحه في بحار أنوار الملكوت ، وترى في أصداف الغيوب جواهر الجبروت ، وسلمت من ربق النفس وطوارق الشيطان ومن دخل مقام الحياء تصدعت عن مزاد قلبه أزجل الشياطين ، وتقدّس سره من نفخ الوسواس ومن دخل جمال عين الجمع سكن في وجد الحق تعالى بلذة الانبساط ونور البسط ، وألبسه الله خلعة الأنانية ، وأمن من صفات الإنسانية وسكر من تكاليف حياة الدنيوية ، ومن دخل قلبه أنوار القربة سكنت روحه بالمشاهدة وعقله بالمكاشفة ، وسره بالمعاينة ونفسه في العبادة ومن دخلت روحه في أنوار العظمة تاه قلبه في وادي الهيبة وعقله سكن بنور المعرفة وسره بنور الوصلة ونفسه بلذة الطمأنينة في أمور الربوبية ومن دخل سره في جنان الأنس مسكن قلبه في ظهور أنوار القدس وروحه في بروز نور القدم وعقله في كشوف نور القدرة.
ومن دخل عقله في نور الشواهد سكن سره ببقاء المشهود وروحه في رؤية عين الحقيقة ، وقلبه في محبة الأزلية ونفسه في رسوم المخاطبة ، ومن دخلت نفسه في مراد الحق وخرجت عن مرائيات الخلق سكن قلبه بنور الإخلاص وروحه بنور الصدق وعقله في صفاء العبودية ، وأيضا من دخل نور اليقين قلبه أمن سره من اضطراب الشك ، وعقله من رحمة النفس ، وروحه من هموم التدبير ، ونفسه من نفاد الشهود الخفية ، ومن دخل نور الإيمان عقله رأى قلبه حقائق البراهين ، وروحه عالم الملكوت ، وسره نور الجبروت ، ونفسه أحست أصوات خطاب الخاص من حضرة الحق جلّت عظمته ، ومن دخل نور التوحيد روحه فتق عين سره بنور الوحدانية ، وعين قلبه بكحل الفردانية ، ورسخت نفسه في إخلاص العبودية ، ومن دخل نور الإسلام نفسه أمن روحه من خطراتها ، وأمن سره من لخطاتها ، وأمن قلبه من وسواسها ، وأمن عقله من نزاعائها ، ومن دخل بهذه الصفات التي ذكرنا بيت ربه تعالى أمن من عذاب هجرانه في الدنيا والآخرة.
وقال الأستاذ : جعلنا الإشارة من البيت إلى القلب ، ومن دخل قلبه سلطان الحقيقة أمن من نوازع البشرية ، وهواجس عاهدت النفس.
وقيل : أن الكناية بقوله سبحانه : (وَمَنْ دَخَلَهُ) راجعة إلى البيت ، ومن دخله يشبه على الحقيقة كان آمنا.
وقيل : لا يكون دخول البيت على الحقيقة إلا بخروجك عنك ، إذا خرجت عنك صح دخولك في البيت ، وإذا خرجت عنك أمنت.