سواه؟ كلا بل هو المبدي النعمة تفضلا ، ومتممها في الانتهاء تكرما.
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩) قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠))
قوله تعالى : (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي : من أيقن مني أني أعطي ولايتي لمن أطاعني ، وشاهد بقلبه حضرتي بعد تصديقه إلهامي في قلبه حين دعوته منه إليّ ، وأصلح مزاري وموضع تجليّ من قلبه وسره ، ما خرب من سابق هواجسات نفسه ، وركضات شيطانه بذكري وثنائي والاستعاذة مني إليّ ، فلا خوف عليه من احتجابي عنه ، ولا له حزن من انقطاعه عني.
قال بعضهم : من أخلص باطنه ، وأصلح ظاهره ، (فَلا خَوْفٌ) خوف القنوط ، (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) حزن القطيعة.
قوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) أي : هل يستوي الأعمى عن النظر إلى غير الذي لم يبق له عين من نفسه إلا من عيوني ، والبصير بنور ملكي وملكوتي ، أفلا تتفكرون بين الفاني والباقي عليّ ، وفيه شرف المصطفى صلىاللهعليهوسلم حين تجرّد في العبودية ، وتفريد التوحيد بنفي الأنانية عن نفسه ، وإسقاط الحدث عن ساحة القدم حين أمر : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) ، ونزّه نبوته عن التكلف في اقتباس علم الغيب بالجد والسعد بقوله تعالى : (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) ، وتواضع حين أقام نفسه مقام الإنسانية بعد أن كان أشرف خلق الله من العرش إلى الثرى ، وأظهر من المكروبين والروحانيين على باب الله سبحانه خضوعا لجبروته ، وخشوعا في أبواب ملكوته.
وقوله تعالى : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) ، وليس لي اختيار في نبوتي ، (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) هل يكون من هذا وصفه بعد كونه بصيرا بنور الله ورآه به ، كالذي أعمي عن رؤية إحاطته بكل ذرة من العرش إلى الثرى؟! أفلا تتفكرون أن من ولد من العدم بصيرا بنور القدم ليس كمن ولد من العدم أعمى عن رؤية عظمته وجلاله!
قال بعضهم : الأعمى من عمي عن طريق رشده ، والقائم مع عبادته ، والبصير الناظر إلى منن الحق عليه ، وحسن توليته له ، أفلا يتفكرون في اختلاف السبيلين وتباين المذهبين.
قال الأستاذ : هل يتشاكل الضوء والظلام؟ وهل يتماثل الجحد والتوحيد؟ كلا أن