كالولد العزيز في حجر أمه لا يجري عليه ما يؤذيه ، كان في حجر الأزل رباه الله بلطفه وغذاء مشاهدته ، وصيّره مقدسا في وقاية كرمه عن المكر والقهر.
ألا ترى كيف قال صلىاللهعليهوسلم : «اللهم واقية الواقية» (١).
الوليد وصفه ، تقدس رسالته ، ولطف نبوته عن جميع علّة الاكتشاف ، تلقف من فلق شرف العناية كلمات الأزلية بلا واسطة الحدث ، لا يلتفت إلى علم المكتسب من الحدثان لاستغراقه في بحار علوم الرحمن.
قال ابن عطاء : الأمي هو الأعجمي ، قال : يكون أعجميّا عمّا دوننا ، عالما بنا وبما نزل عليه من كلامنا وحقائقنا.
وقال : الأمي من لم يعلم من الدنيا شيئا ، ولا من الآخرة إلا ما علمه ربه ، حالته مع الله حالة واحدة وهي الطهارة بالافتقار إليه ، والاستغفار عمّا سواه ، وزاد الله في وصفه عليهالسلام في وضع أثقال الشرك والضلال وأغلال المخالفات عنهم في متابعته والاقتداء بسنته بقوله : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ).
كان القوم بقوا في أسر المجاهدات بلا مشاهدات ، وأغلال الرياضات بلا مكاشفات ، فلمّا اتبعوه خرجوا من حدّ الجهالة بطريق المعرفة واستنار لهم سبل الحقيقة ببركة السنة ، فوجدوا بدائع ألطاف الغيبة بنعت الجذب والمواجيد البديهية ، فيخفف عنهم ما عليهم من أثقال الرهبانية ، وانحلّ عن أسرارهم أغلال الشيطانية النفسية ، وأيضا لمّا رآهم عليهالسلام تحت قهر البعد وأغلال فقدان المعروف ، حيث إنهم كانوا مطايا أثقال القهريات المسرورات بأسر الغضب القديم ، فأبرز لهم أنوار النبوة من مصباح الرسالة ودعاهم من طريق الهوى والمنى إلى محجة التقوى ، وسبيل الرضا ومشاهدة المولى ؛ فأجابوا بنعت الاقتداء ؛ فترفهوا من علّة البدعة بروح السنة.
قال جعفر رضي الله عنه : يضع عنهم أثقال المشرك وذل المخالفات وغل الإهمال.
وقال الأستاذ : لا شيء أثقل من كد التدبير ، فمن ثقل عن كد التدبير إلى روح شهود التقدير فقد وضع عنه المعرفة ، واستنار لهم سبل الحقيقة ببركة السنة ؛ فوجدوا بدائع ألطاف الغيبية بنعت الجذب والمواجيد البديهية ، فيخفف عنهم ما عليهم من أثقال الرهبانية ، وانحل عن أسرارهم أغلال الشيطانية النفسانية.
وأيضا لما رآهم عليهالسلام تحت قهر البعد ، وأغلال فقدان المعروف حيث إنهم كانوا مطايا أثقال القهريات المأسورات بأسر الغضب القديم ، فأبرز لهم أنوار النبوة من مصباح الرسالة ،
__________________
(١) رواه القضاعي في الشهاب (٢ / ٣٣٩) ، بنحوه.