ربّه لسبب ، كالنبيّ صلىاللهعليهوسلم قائما مع الخلق على حدّ الإبلاغ ، وقائما مع الله على حدّ المشاهدة (١).
قوله : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) : قطع الأنساب والأسباب عن مواهبه للأنبياء والأولياء ؛ لأنه اصطفاهم بالآيات والمعجزات قبل وقوع العلامات ، وأيضا من اشتغل بنفسه عن نفسه ، اعتزل بنفسه عن نفسه.
وقيل : قطع لن يصل إليه أحد بسبب أو نسب ؛ إلا برضا الأزل ، وسبق العناية.
وقال الصادق : لا ينال محبّتي ، ومشاهدة رؤيتي من سكن إلى أحد سواي.
وقال بعضهم : لا ينال قربي من بعد يسره عنّي.
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١))
وقال بعضهم : من رسمته بسمة المعرضين عنّي ، لا يقدر الرجوع إليّ.
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) أي : مستأنسا للراجين ، وآمنا للخائفين ؛ لأن فيه أثر الله تعالى ، وهو يتجلّى منه للخائفين بلطائف الكرم ، فأسكنهم من هيجان الخوف ، وتجلّى منه للراجين لطوائف حسن العدم ، فأسكنهم من غليان الشوق.
وقيل أي : مفزعا للمذنبين وآمنا أي : من دخله من المؤمنين حافظا لحدود الله فيه ، أمن من نار جهنم.
وروي عن الشيخ أبي عبد الرحمن السلميّ ـ رحمهالله ـ أنه قال : سمعت منصور بن عبد الله
__________________
(١) أي : قدوة بك في بك في التوحيد ، أو في الأصول والفروع ، إذ لم يبعث بعده نبي إلا كان من ذريته ، ومأمور باتباعه. البحر المديد (١ / ١٠٠).