يقول : سمعت أبا القاسم الإسكندرانيّ يقول : سمعت أبا جعفر المالطيّ ، يذكر عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه عن جعفر الصادق رضي الله عنه قال : البيت هاهنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، من آمن به وصدّق برسالته ، دخل في ميادين الأمن والأمانة.
(وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ) أي : أن طهّرا قلبكما ؛ لأنه موضع نظري ، ومحل زيارتي.
(لِلطَّائِفِينَ) أي : للسفرة الأنوار. (الْعاكِفِينَ) أي : للسكّان الأسرار.
(وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) أي : لعرائس الغيب ؛ لأن القلب قبلة الله يزور به أهل الغيب. (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) أي : أفتنا لبقائك في جمال صفاتك.
وقال الجنيد : ظاهر علم الاستسلام ، سقوط المسافات ، والمدة من البعد ، ولا يجدون في إشارتهم كلفة ، ولا في ذكرهم الذي به يتقرّبون مؤنة ؛ لأنه استولى عليهم من قربه واكتنافه لهم ، والتحنّن عليهم ، والبرّ بهم ؛ لأنه قد أزاح عنهم أسباب الطالب.
وقال فارس في قوله : (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) : أرجنا عن أسباب الطلب بالحيل ، ومطالعة الخير بالعرض. (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) أي : تواضع لجبروتي ، وأخلص قلبك عن ملكوتي. (قالَ أَسْلَمْتُ) أي : تعرّضت لك لما تريد مني في جميع الأحوال.
وقيل أي : أخلص سرّك ، فإنه موضع الاطّلاع منك ، «قال أسلمت» أي : أسلمت إليك سرّي ، فأخلصه لي ، فإنّك أولى بي مني. وقيل : استأثر ، فإنّ قتلك لا يمهل الطوارق بحر الحوادث ، بل يجذب إلى الاستغراق في بلاد القدم ، فيقول : أسلمت استأثرت ، ومازلت كنت في أسر جبروتك ، وقهر عزّك.
(وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣))
قال الشيخ أبو عبد الرحمن : سمعت النصر آبادي يقول : سمعت الروذباري يقول : سلامة النفس في التسليم ، وبلاؤها في التدبير.
(وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) أوصاهم بقطع العلائق والعوائق ، والتعرّض لنفحات الصفات ، والعذوبة في المناجاة ، والانقياد لمراد الحقّ ، والشفقة على الخلق ، ومقاومة النفس ، ومراعاة النفس ، والمصادقة لله مع الإخوان فيه ، والإنصاف معهم ، وترك معارضتهما