أحدا ، وأخذ الإنصاف منهم.
وقيل : أوصاهم بالمحاربة إلى الاستسلام الذي أمر به ، فصحّ من إبراهيم التسليم ، فلمّا ابتلي بذبح ابنه لم ينظر إليه ؛ لأنه كان أسلم ، وصحّ له التسليم ، فمضى فيه من غير نظر إلى الولد ، حتى فدى ، ولمّا لم يصح ليعقوب من التسليم ما صحّ للخليل ، رجع إلى حد الجزع حين فقد ابنه فقال : يا أسفى على يوسف ، لكني أعتذر ليعقوب عليهالسلام في هذه المسألة ، وهو أنه يرى في حسن يوسف جمال الحقّ ، وقد عشقه ، ومع ذلك في أوّل العشق ، وقد بقي في محلّ الالتباس ، والخليل ـ صلوات الله عليه ـ قد انفرد بحب الحقّ للحقّ ، وهذا نهاية مقام العشق ؛ لأنه في محلّ التمكين ، وابنه يعقوب في محلّ التلوين ، فلأجل ذلك قال : يا أسفى على يوسف.
(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤) وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥) قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧) صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨))
قوله : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) : صبغة الخاصية التي خلق آدم على تلك الصفة.
(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) [ص : ٧٥] ، وذلك قوله تعالى : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ).
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) [الإسراء : ٧٠].
وقال صدر الصوفية ، ورئيس البريّة صلىاللهعليهوسلم : خلق الله آدم عليهالسلام على صورته ، وهذا صبغ الظاهر الذي ألبسه صورة آدم ، وأمّا صبغ الباطن ، هو الذي كسا الله تعالى قلب آدم ، ولهذا سجدت الملائكة بين يديه ، وأورث الله تلك الصفتين اللتين خصّ بها آدم أرواح ذرّيته من الأنبياء والأولياء ، وذلك إذ خلق الله تعالى الأرواح ، فحشرها في سرادق حضرته ، وكشف لها عن وجهه حجاب العزّ ، وأراها جماله وكماله ، وألهمها خصائص علوم الربوبية ، ونوّرها بأنوار الوصلة ، وكساها لباس الفردانية ، وجلّلها برداء الكبرياء ، وسقاها من شراب الزلفة