العشق ، فالعشق هو الطائر الطاهر للروح ـ والعشق والروح ، كالحمام والصقر :
العشق لا يقبل النفس الحية |
|
والصقر لا يصطاد الفأرة الميتة |
الأمر والنهي منسوخان في طريق العشق!
والكفر والدين حجبا عن سراي العشق!
والآفاق محترقة بإشراق العشق!
والكون مضمحل تحت حافر فرس العشق!
عند من كان العشق مرشده |
|
يكون الكفر والدين ستار بابه |
وجوهرة العشق عجنت من الأزل ، ولم يكن في ذلك العالم للروح والعقل من طريق ؛ كل من ظهر له طريق العشق ، يخطف جوهر أوصافه من هذه التربة :
أم كان في الكائنات من جزء وكل |
|
هي أطواق قناطر العشق |
العشق أرقى من العقل والروح |
|
«لي مع الله» هو وقت الرجال |
وليس في العشق مجوسية ولا كفر ، ولا شراسة ولا بلاهة ، وصفة العشاق كمال الحيرة .. والخضوع صفة المتيمن.
يجعل حمل العشق الطفل شيخا |
|
ويجعل العشق الباشق صيّاد البعوضة |
والجنة مأوى الزاهدين ، والحضرة مأوى العاشقين! ليس في العشق فجاجة ، وليس في طريقه عجز ولا ضعف.
وكل ما قلناه ليس من صفة العشق العاشق .. ونهاية العشق بداية المعرفة .. والعشق في المعرفة مبني على الكمال ؛ وإذا اتحد العاشق بالمعشوق ، بلغ مقام التوحيد. وإذا تحير في المعرفة ، فقد أحرز مقام المعرفة .. ونهاية العشق إلى هذين المقامين ؛ فإذا صار عارفا ، تبدو صفات الحق من صفاته.
ذاك الذي تكلم بالشطحيات ، إنما أراد أن يقول الحديث السبحاني (ما في الجبة) وسر (أنا الحق) وإذا لم تعرف ذلك ، فاستمع إلى قول أسد مرج التوحيد وفارس ميدان التجريد أبي بكر الشبلي ـ رحمهالله ـ فإنه وجد رمز ذلك الحديث ذات يوم في مجلس الموحدين ، وحيث إنهم بلغوا ذلك العالم ؛ صار قلبهم ربانيّا ، وقولهم أزليّا وأبديا .. كما قال أبو سعيد الخراز ـ رحمهالله تعالى ـ : للعارفين خزائن أودعوها علوما غريبة ، وأنباء عجيبة ، يتكلمون فيها بلسان الأبدية ، ويختبرون عنها بعبارات الأزلية.