الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩))
الطيبات ما قسم لأهل الإيمان في سابق علم الأزل بنعت الرضا من معاشهم الذي لا يذم تناولها نفس العلم بحال ، وهو ما يتفرسه المؤمن بنور الإيمان قبل وقوعه في أوان الحاجة ، وأيضا الطيبات التي تهيج المؤمن إلى ما يرضاه الله من المعاملات السنية ، والأخلاق المحمودة ، وترك مألوفات النفس ، ومتابعة الشهوة ، وأيضا الطيبات ما يحصل من الغيب بلا تصنيع الآدميين ؛ لأن ما فيه تصنيع البشر لا يخلوا من المعاملات ، وأيضا الطيبات ما لم تؤكل بالشهوة وثورته الحكمة والعبادة ، والطيبات أيضا ما يؤكل بالسنة ، ولا يؤكل بالبدعة ، وأيضا الطيبات إشارة إلى ذكر الحق إذا لم يشب بذكر الخلق ، وهو رؤية المذكور بنعت طيران الأرواح بقوة المواجيد في بساتين الصفات.
وقال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : طيبات الرزق هو التناول في أوقات الاضطرار مقدار استبقاء المهجة لأداء الفرائض ، وهو الذي لا تبعة في أكله بحال.
(وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي : اشكروا الله بمعرفتكم على المشكور إن كنتم تعبدونه بشرط المعرفة ؛ لأن العبودية لا تصح إلا بالمعرفة ، وهو إغراء من الله تعالى ، وتنبيه للمعاندين ليعرفوا أن الشكر لا ينبغي إلا لمن خلق ورزق وأمات وأحيا ، وقرن هاهنا العبادة بشكر النعمة لتعريف المنعم عليه أن يشكر نعمته أداء عبادته على شرط معرفته.
(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أي : من سار في بيداء الحقيقة بنعت سباحة الروح الناطقة في بحار الأزلية عند بدو إرادة المعرفة ، واحترق جسم نفسه الأمّارة في نيران المحبة ، ويخاف أن يتلاشى في سطوات بسط العظمة ، فيجوز له بعد اضطراره ، وهذه الصفة في مهمة الوحدانية أن يتناول من حطام الدنيوية لبقاء الصورة ، لا جرم على العارف ما دام في مقام العبودية ، وعجز البشرية أن يستأنس بمستحسنات المحدثات ملتفتا بنعت اقتباس أنوار الألوهية من عالم الشواهد.
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) ساتر تهمة الحدثية بنور الأزلية لأهل المعرفة ، (رَحِيمٌ) بهم بأن يخرجهم من ظلمات الإنسانية إلى نور الصمدية.
(وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) أي : الموفون بعهد الأزل بترك المعارضة في