إلى ملكوت السماء» (١).
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) أي : أقل أحانين إقبال الحق على العبادة بنعت بسط آلاء مشاهدة القربة ، وازدياد المعرفة على أهل الصفوة ، مقرونة بظهور أنوار جماله ، مسابقة لهم بشرط الإرادة القديمة في أكناف طلاب المشاهدة في إزالة مرسومها ، متفاوتة بتفاوت بروز سناء تجلّي الجلال والجمال في تقليب دهور الحوادث ، فأشجار بساتين الأسحار الأطيار أرواح الأخيار ، وأنوار النهار المبرز بنور القدس لأشباح الأبرار ، ولكل وقت من أوقات انكشاف نور الحضرة حرمة بقدر وقوع وقائع أهل القصة والخطرات فيها من النفوس الأمّارة أعظم وهواجسها أكبر ؛ لأن الأجرام في مواطن قربه أسخن حجابا ، والحروب في بواطن الأنس أسرع عقابا.
(وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) الحساد لا يزالون يمكرون بأولياء الله لكي يوبقهم بأعين الحسادة ، وأنفس الأمّارة ؛ لأنهم لا يطيقون أن يروا نعم الله على أحبائه وأوليائه ، (حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) وأحسد الخلق بأصفيائه هو الشيطان الذي كل وقت يترصد فأتهم ، فالإشارة فيه من الله تعالى لأوليائه أنه يحذرهم من غرة العدو ؛ لأنه يحسد بهم نفاسة عليهم بوجدان مشاهدة حضرته ، ونوال قربته ؛ لأن من نكص على عقب النفس بعد إدراك معرفة الحق فقد هلك مع الهالكين ، وسقط عن درجة السالكين العارفين ، وبقي في حجاب الغفلة ، وظلمات الجهل مع الجاهلين ، نعوذ بالله من الخذلان بعد وجدان الإيمان والعرفان.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠) وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي
__________________
(١) رواه أحمد (٢ / ٣٥٣) ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٧ / ٣٣٥).