الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣) وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤) لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥) لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨))
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) الخمر حب ما سوى الله ؛ لأن زيغ بصر السر عن مشاهدة الحضرة إلى الكون بنعت استحسانه حجاب العقل الكل إذا خامر النفس سر القلب باشره الغفلة ، وسكرت بإدراك هواها وحظوظها ، وسقطت عن مباشرة العبودية ، وبتأثيرها احتجبت الروح عن معاينة الآخرة ، وبقيت في حجاب النفس عن الوصال ، والمقام والمشاهدة ، (وَالْمَيْسِرِ) حبل الشيطان والنفس مع القلب ، فإذا مال القلب إلى شهوة النفس فقد قامرها وصار مقمورا مسلوب الإيمان والعرفان ، (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) أن ظلمة الخمر تطفي نور العقل ، ويقوي طرب النفس الأمّارة فإذا خمد نور العقل ، وارتفعت ظلمة الجهل تفسد النفس مقام الإيمان ، وتخربه وهو القلب ، وإذا كان القلب خرابا ومنبع الإيمان مضمحلا ، فهو قريب من الكفر ، والكفر آخر الإثم واللعب بالنرد ، وأمثال ذلك ، كأنه يعبد الأوثان ؛ لأن في الأشغال به اشتباه نور الإيمان تمثال النرد والشطرنج ، وتخيل الفهم صور الخيال ، وهذا أول أسباب الشرك لأنهما أما جميع الخبائث ، (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) أي : معرفة أفاتهما وسوء عاقبة من يشغل بهما ، وأيضا في زوالهما منافع للناس.
وقيل : فيهما في تناولهما منافع للناس في تركهما ، (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) العفو عند العارفين ما سوى الحق من الكونين ، يعني اتركوا إلى ما شغلكم عني وإن كان لكم فيها خصاصة حتى يكون لكم ذخرا في جميع أنفاسكم عوضا لما تركتم ، فالخواص ينفقون ما يحبون طالبا لمرضاته وتركا لمرادهم ؛ لأن الحق سبحانه لا يزيد أوليائه شهوة