عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤) وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥) لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧))
قوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) (١) أحدهما طلاق النفس وشهواتها والدنيا وما فيها ، والثاني طلاق الآخرة وما فيها ، فينبغي للعارف أن يطلقهما ؛ لأن عروس مشاهدة الحق غاز على قلوب المحبين والعاشقين والمشتاقين أن يكون لهم شيء دون الله.
وقيل : ندب إلى تفريق الطلاق لئلا يتسارع إلى إتمام الفراق.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) وصف الله تعالى أهل العناية الذين صدقوا فيها عاينوا في علم الأزل من مشاهدة القدم ، وفيها سمعوا من خطاب الحسن بنعت تعريفه لهم جلاله وجماله وعظمته وصمديته وكبريائه وقدرته وحكمته ، (وَالَّذِينَ هاجَرُوا) من الحدثان إلى مشاهدة الرحمن ، (وَجاهَدُوا) في العبودية للزوم حق الربوبية عليهم ، (فِي سَبِيلِ اللهِ) ما بين مقاديره بنعت الرضا في مراده ، (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) وصاله وقربه ، (وَاللهُ غَفُورٌ) تقصيره في تزكية الأشباح ، (رَحِيمٌ) بهم في تربية الأرواح.
__________________
(١) فإمساك لها بمعروف بأن يواسي بها من يحتاج إليها ، أو تسريح لها من يده بإحسان من الله إليه ، حتى يدخله في مقام الإحسان ، فإن طلقها مرة ثالثة فلا تحل له أبدا حتى يأخذها من يد الله بالله ، بعد أن كان بنفسه ، فكأنه أخذها بعصمة جديدة ، فإن تمكن من الفناء والبقاء ، فلا جناح عليه أن يرجع إليها غنيّا بالله عنها ، والله تعالى أعلم. البحر المديد ـ (١ / ١٨٨).