(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٤٠))
قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) المحافظة شهود السر مقام الغيب ، وخمود النفس عن دواعي الرب ، ومراقبة القلب أنوار الكشف ، ورعاية الروح مشاهدة الوصل ، ومراعاة الأدب ظاهرا وباطنا ، فأما الظاهر بإقامة الحدود في أركانها ، وأما الباطن فبدفع الخواطر المذمومة الشاغلة عن رؤية الآخرة ، ثم الغيبة عن الأركان والرسوم برؤية الحق جل جلاله في صلاته ، ثم الفناء في حقائق المشاهدة عن ملاحظة وجوده لغلبة سكر الوجد ، ومن هذا حاله فهو غائب في سرّ الاصطلام ، ولا يعلم كيفية صلاته لغلبة الوقت ولا غيب عليه ؛ لأنه قد بلغ مقام المشاهدة ، وهذا مقصود الصلاة ، وهو إشارة النبي صلىاللهعليهوسلم لقوله : «اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك» (١) ، لكن صورة الأحكام تجري على العارف ، ويحفظها عليه ، وإن لم يعلم شأنه فيها ، فهؤلاء القوم يغيبون عن الظاهر لشغل الباطن ، والعامة يغيبون عن الباطن شغلا بالظاهر ، فشتان ما بين الطائفتين ، فالعوام طاحوا في أودية الغفلات ، فيزينون أحكام الظاهر ، وأهل المعرفة طاروا في عالم المشاهدات في غيبة عن رسوم الأحكام استغراقا في بحر أنوار مشاهدات ذو الجلال والإكرام ، وأبهم صلاة الوسطى لمراعاة جميع الأوقات ، ومراقبة أحانين المكاشفات.
(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا
__________________
(١) رواه البخاري (٤٨) ، ومسلم (٩).