الخير من فلان. أى : أقرب ، واستعير هنا للأقل ، لأن المسافة التي بين الشيء والشيء إذا قربت كانت قليلة ، وهو منصوب على الظرفية بالفعل «تقوم».
وقوله : (وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) قرأه بعض القراء السبعة بالجر عطفا على (ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) وقرأه الجمهور بالنصب عطفا على أدنى.
والمعنى على قراءة الجمهور : إن ربك ـ أيها الرسول الكريم ـ يعلم أنك تقوم من الليل ، مدة قد تصل تارة إلى ثلثى الليل ، وقد تصل تارة أخرى إلى نصفه أو إلى ثلثه ... على حسب ما يتيسر لك ، وعلى حسب أحوال الليل في الطول والقصر.
والمعنى على قراءة غير الجمهور : إن ربك يعلم أنك تقوم تارة أقل من ثلثى الليل وتارة أقل من نصفه ، وتارة أقل من ثلثه .. وذلك لأنك لم تستطع ضبط المقدار الذي تقومه من الليل ، ضبطا دقيقا ، ولأن النوم تارة يزيد وقته وتارة ينقص ، والله ـ تعالى ـ قد رفع عنك المؤاخذة بسبب عدم تعمدك القيام أقل من ثلث الليل ..
فالآية الكريمة المقصود منها بيان رحمة الله ـ تعالى ـ بنبيه صلىاللهعليهوسلم حيث قبل منه قيامه بالليل متهجدا ، حتى ولو كان هذا القيام أقل من ثلث الليل ..
وافتتاح الآية الكريمة بقوله ـ سبحانه ـ (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ ..) يشعر بالثناء عليه صلىاللهعليهوسلم. وبالتلطف معه في الخطاب ، حيث إنه صلىاللهعليهوسلم كان مواظبا على قيام الليل. على قدر استطاعته ، بدون تقصير أو فتور.
وفي الحديث الشريف : أنه صلىاللهعليهوسلم قام الليل حتى تورمت قدماه.
والتعبير بقوله ـ تعالى ـ : (أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) يدل على أن قيامه صلىاللهعليهوسلم كان متفاوتا في طوله وقصره ، على حسب ما تيسر له صلىاللهعليهوسلم ، وعلى حسب طول الليل وقصره.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) معطوف على الضمير المستتر في قوله : (تَقُومُ).
أى : أنت أيها الرسول الكريم ـ تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه ، وتقوم طائفة من أصحابك للصلاة معك ، أما بقية أصحابك فقد يقومون للتهجد في منازلهم.
روى البخاري في صحيحه عن عائشة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلى ذات ليلة في المسجد ، فصلى بصلاته ناس ، ثم صلى من القابلة فكثر الناس ، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة