فينجو من العثرات والمتاعب والمخاطر .. والآخر يعرض عن ذلك فيهلك.
ولما كان الشكر قل من يتصف به ، كما قال ـ سبحانه ـ : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) جاء التعبير بقوله ـ سبحانه ـ (شاكِراً) بصيغة اسم الفاعل. ولما كان الجحود والكفر يعم أكثر الناس ، جاء التعبير بقوله ـ تعالى ـ (كَفُوراً) بصيغة المبالغة.
والمقصود من الآية الكريمة : قفل الباب أمام الذين يفسقون عن أمر ربهم ، ويرتكبون ما يرتكبون من السيئات .. ثم بعد ذلك يعلقون أفعالهم هذه على قضاء الله وقدره ، ويقولون ـ كما حكى القرآن عن المشركين ـ : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ بعد هذه الهداية ، ما أعده لفريق الكافرين ، وما أعده لفريق الشاكرين ، فقال ـ تعالى ـ :
(إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩) إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠) فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١) وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤) وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ
__________________
(١) سورة الانعام الآية ١٤٨.