و (سِيئَتْ) فعل مبنى للمجهول. وأسند ـ سبحانه ـ حصول السوء إلى الوجوه ، لتضمينه معنى كلحت وقبحت واسودت ، لأن الخوف من العذاب قد ظهرت آثاره على وجوههم.
وقال ـ سبحانه ـ (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالإظهار ، ولم يقل وجوههم ، لذمهم بصفة الكفر ، التي كانت السبب في هلاكهم.
ومفعول (تَدَّعُونَ) محذوف. والتقدير : وقيل لهم هذا الذي كنتم تدعون عدم وقوعه. قد وقع ، وها أنتم تشاهدونه أمام أعينكم.
والجار والمجرور في قوله (بِهِ) متعلق بتدعون لأنه مضمن معنى تكذبون.
والقائل لهم هذا القول : هم خزنة النار ، على سبيل التبكيت لهم.
ثم أمر ـ سبحانه ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم للمرة الرابعة ، أن يرد على ما كانوا يتمنونه بالنسبة له ولأصحابه فقال : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا ، فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ).
ولقد كان المشركون يتمنون هلاك النبي صلىاللهعليهوسلم وكانوا يرددون ذلك في مجالسهم ، وقد حكى القرآن عنهم ذلك في آيات منها قوله ـ تعالى ـ : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ).
أى : قل لهم ـ أيها الرسول الكريم ـ (أَرَأَيْتُمْ) أى : أخبرونى (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ). ـ تعالى ـ وأهلك (مَنْ مَعِيَ) من أصحابى وأتباعى (أَوْ رَحِمَنا) بفضله وإحسانه بأن رزقنا الحياة الطويلة ، ورزقنا النصر عليكم.
فأخبرونى في تلك الحالة (فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أى : من يستطيع أن يمنع عنكم عذاب الله الأليم ، إذا أراد أن ينزله بكم؟ مما لا شك فيه أنه لن يستطيع أحد أن يمنع ذلك عنكم.
قال صاحب الكشاف : كان كفار مكة يدعون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى المؤمنين بالهلاك ، فأمر بأن يقول لهم : نحن مؤمنون متربصون لإحدى الحسنيين : إما أن نهلك كما تتمنون ، فننقلب إلى الجنة ، أو نرحم بالنصرة عليكم ، أما أنتم فماذا تصنعون؟ من يجيركم ـ وأنتم كافرون ـ من عذاب أليم لا مفر لكم منه.