الرسول صلىاللهعليهوسلم يذكر أن سليمان قال : «ائتوني بالسكين أقسم الطفل بينهما نصفين».
وإما لأن كلمة الأب تطلق على أشياء كثيرة ، منها النبت الذي ترعاه الأنعام ، ومنها التبن ، ومنها يابس الفاكهة ، فكان إمساك أبى بكر وعمر عن بيان معناه ، لعدم الجزم بما أراد الله منه على التعيين ، وهل الأب مما يرجع إلى قوله (مَتاعاً لَكُمْ) أو إلى قوله (وَلِأَنْعامِكُمْ) (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه النعم بقوله : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) ، أى : أنبت لكم تلك الزروع والثمار ... لتكون موضع انتفاع لكم ولأنعامكم إلى حين من الزمان.
إذ المتاع : هو ما ينتفع به الإنسان إلى حين ثم ينتهى ويزول ، ولفظ «متاعا» منصوب بفعل محذوف ، أى : فعل ذلك متاعا لكم ، أو متعكم بذلك تمتيعا لكم ولأنعامكم.
أو قوله (مَتاعاً لَكُمْ) حال من الألفاظ السابقة : العنب والقضب والزيتون والنخل.
أى : حالة كون هذه المذكورات موضع انتفاع لكم ولأنعامكم.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بالحديث عن أحوال الناس في يوم القيامة.
فقال ـ تعالى ـ :
(فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١) أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ)(٤٢)
والفاء في قوله ـ سبحانه ـ (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها من فنون النعم. وجواب (فَإِذا) محذوف يدل عليه قوله ـ تعالى ـ بعد ذلك : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) ، ويصح أن يكون جوابه قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ).
والصاخة : الصيحة الشديدة التي تصخّ الآذان ، أى تزلزلها لشدة صوتها ، وأصل الصخ : الصك الشديد ، والمراد بها هنا : النفخة الثانية التي بعدها يبعث الناس من قبورهم ...
__________________
(١) تفسير التحرير والتنوير للشيخ ابن عاشور ج ٣٠ ص ١٣٣.