وقيل : العشار : السحاب يعطل مما يكون فيه وهو الماء فلا يمطر ، والعرب تشبه السحاب بالحامل.
وقيل : الديار تعطل فلا تسكن ... والأول أشهر ، وعليه من الناس الأكثر (١).
(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) أى : وإذا الحيوانات المتوحشة ـ كالأسد والنمر وغيرهما.
(حُشِرَتْ) أى : جمعت من أماكنها المتفرقة ، وخرجت في ذهول ، وتلاقت دون أن يعتدى بعضها على بعض ، مخالفة بذلك ما طبعت عليه من النفور والتقاتل.
قال الآلوسى قوله : (وَإِذَا الْوُحُوشُ) جمع وحش ، وهو حيوان البر الذي ليس في طبعه التأنس ببني آدم .. (حُشِرَتْ) أى : جمعت من كل جانب. وقيل : حشرت. أى : أميتت .. وقيل : حشرت : بعثت للقصاص ، فيحشر كل شيء حتى الذباب.
أخرج مسلم والترمذي عن أبى هريرة في هذه الآية قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لتؤدّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ، حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء ..» (٢).
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أى : امتلأت وفاض ماؤها واختلط عذبها بملحها ، وصارت بحرا واحدا ، مأخوذ من قولهم : سجر الحوض ، إذا ملأه حتى فاض من جانبيه.
ويصح أن يكون معنى «سجرت» : أحميت بالنار حتى تبخرت مياهها ، وظهرت النار في مكانها ، من قولهم : سجر فلان التنور ، إذا ملأه بالحطب المعد للحرق.
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) وقوله : (زُوِّجَتْ) من التزويج وهو جعل الشيء زوجا لغيره ، بعد أن كان كلاهما فردا ، ويطلق الزوج ـ أيضا ـ على الصنف والنوع ، كما في قوله ـ تعالى ـ (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ).
أى : وإذا النفوس اقترنت كل واحدة منها ببدنها ، أو بمن يشبهها ، أو بعملها.
قال الفخر الرازي : قوله : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) فيه وجوه : أحدها : قرنت الأرواح بالأجساد.
ثانيها : يصيرون فيها ـ أى : يوم القيامة ـ ثلاثة أصناف ، كما قال ـ تعالى ـ (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٩ ص ٢٢٩.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٣٠ ص ٥١.