جهنم ، بسبب إصرارهم على كفرهم وعدوانهم ، ولهم نار أخرى زائدة على غيرها في الإحراق.
والمراد بالذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات : كفار قريش ، كأبى جهل وأمية ابن خلف. وغيرهما ، فقد عذبوا بلالا ، وعمار بن ياسر ، وأباه وأمه سمية.
ويؤيد أن المراد بالذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات كفار قريش ، قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) لأن هذه الجملة تحريض على التوبة ، وترغيب فيها للكافرين المعاصرين للنبي صلىاللهعليهوسلم.
ويصح أن يراد بهم جميع من عذبوا المؤمنين والمؤمنات ، ويدخل فيه أصحاب الأخدود ، وكفار قريش دخولا أوليا.
وجمع ـ سبحانه ـ بين عذاب جهنم لهم ، وبين عذاب الحريق ، لبيان أن العذاب لهم مضاعف ، بسبب طغيانهم وشركهم.
ثم بين ـ سبحانه ـ بعد ذلك ما أعده للمؤمنين والمؤمنات من ثواب وعطاه كريم فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ لَهُمْ) أى : عند ربهم (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أى تجرى من تحت أشجارها وبساتينها الأنهار (ذلِكَ) العطاء هو (الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) الذي لا فوز يضارعه أو يقاربه.
ثم ساق ـ سبحانه ـ بعد ذلك ، ما يدل على نفاذ قدرته ومشيئته ، حتى يزداد المؤمنون ثباتا على ثباتهم ، وصبرا على صبرهم فقال : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ).
والبطش : هو الأخذ بقوة وسرعة وعنف. أى : إن بطش ربك ـ أيها الرسول الكريم ـ بالظالمين والطغاة لبالغ نهاية القوة والعنف : فمر أصحابك فليصبروا على الأذى ، فإن العاقبة الحسنة ستكون لهم وحدهم.
(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) أى : إنه وحده هو الذي يخلق الخلق أولا في الدنيا ، ثم يعيدهم إلى الحياة بعد موتهم للحساب والجزاء ، وهو ـ سبحانه ـ وحده الذي يبدئ البطش بالكفار في الدنيا ثم يعيده عليهم في الآخرة بصورة أشد وأبقى.
وحذف ـ سبحانه ـ المفعول في الفعلين ، لقصد العموم ، ليشمل كل ما من شأنه أن يبدأ وأن يعاد من الخلق أو من العذاب أو من غيرهما.
(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) أى : وهو ـ سبحانه ـ الواسع المغفرة لمن تاب وآمن ، وهو الكثير المحبة والود لمن أطاعه واتبع هداه.