ولهذا كان القول بأن الوتر هو الله ، وبأن الشفع : جميع المخلوقات .. هو الراجح ، وهو الأعم في المعنى .. (١).
وأقسم ـ سبحانه ـ خامسا ـ بقوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) أى : وحق الليل عند ما يسرى ويمضى ، تاركا من خلفه ظلامه ، ليحل محله النهار بضيائه.
أو المعنى : وحق الليل وقت أن يسرى فيه السارون ، بعد أن أخذوا حظهم من النوم ، فإسناد السّرى إلى الليل على سبيل المجاز ، كما في قولهم : ليل نائم ، أى : ينام فيه الناس ، وقرأ الجمهور يسر بحذف الياء وصلا ووقفا ، اكتفاء عنها بالكسرة تخفيفا.
وقرأ نافع وأبو عمرو بإثبات الياء عند الوصل ، وبحذفها عند الوقف.
والمراد بالليل هنا : عمومه ، وقيل : المراد به هنا : ليلة القدر ، أو ليلة المزدلفة.
والاستفهام في قوله ـ تعالى ـ : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) للتقرير والتعظيم لما أقسم به ـ سبحانه ـ من مخلوقات. واسم الإشارة «ذلك» يعود إلى تلك الأشياء التي أقسم الله ـ تعالى ـ بها.
والمراد بالحجر العقل ، وسمى بذلك لأنه يحجر صاحبه ويمنعه عن ارتكاب مالا ينبغي ، كما سمى عقلا ، لأنه يعقل صاحبه عن ارتكاب السيئات ، كما يعقل العقال البعير عن الضلال.
والمعنى : هل في ذلك الذي أقسمنا به من الفجر ، والليالى العشر ، والشفع والوتر .. قسم ، أى : مقسم به ، حقيق أن تؤكد به الأخبار عند كل ذي عقل سليم؟.
مما لا شك فيه أن كل ذي عقل سليم ، يعلم تمام العلم ، أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء حقيق أن يقسم به ، لكونها ـ أى : هذه الأشياء ـ أمورا جليلة ، خليقة بالإقسام بها لفخامة شأنها ، كما أن كل ذي عقل سليم يعلم ـ أيضا ـ أن المقسم بهذا القسم ، وهو الله ـ عزوجل ـ صادق فيما أقسم عليه.
فالمقصود من وراء القسم بهذه الأشياء ، تحقيق المقسم عليه. بأسلوب فيه ما فيه من التأكيد والتشويق وتحقيق المقسم عليه.
وجواب القسم محذوف دل عليه قوله ـ تعالى ـ بعد ذلك : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ). إلى قوله : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ).
__________________
(١) تفسير أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطى ج ٨ ص ٢١٠.