أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «أربعة يحتجّون يوم القيامة : رجل أصمّ لا يسمع شيئا ، ورجل أحمق ، ورجل هرم ، ورجل مات في الفترة ... ثم قال : فيأخذ الله مواثيقهم ليطيعنه ، ويرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار ، قال : فو الذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما ، ومن لم يدخلها يسحب إليها» وإسناده عند أحمد هكذا : حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن أبي قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود بن سريع. وأخرج نحوه إسحاق بن راهويه وأحمد وابن مردويه عن أبي هريرة ، وهو عند أحمد بالإسناد المذكور عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة. وأخرج قاسم بن أصبغ والبزار وأبو يعلى ، وابن عبد البرّ في التمهيد ، عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكره نحوه ، وجعل مكان الأحمق المعتوه. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني وأبو نعيم عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يؤتى يوم القيامة بالممسوح عقلا ، وبالهالك في الفترة ، وبالهالك صغيرا» فذكر معناه مطولا. وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) قال : بطاعة الله فعصوا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : سمعت ابن عباس يقول في الآية : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) بحقّ فخالفوه ، فحق عليهم بذلك التدمير. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عنه في الآية قال : سلطنا شرارها فعصوا ، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب. وهو كقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) (١). وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية : قد أمر بنو فلان.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (١٩) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (٢٠) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١) لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢) وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (٢٤))
قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) هذا تأكيد لما سلف من جملة (كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ) ومن جملة (مَنِ اهْتَدى) والمراد بالعاجلة : المنفعة العاجلة أو الدار العاجلة. والمعنى : من كان يريد بأعمال البرّ أو بأعمال الآخرة ذلك ، فيدخل تحته الكفرة والفسقة والمراؤون والمنافقون (عَجَّلْنا لَهُ) أي : عجلنا لذلك المريد (فِيها) أي : في تلك العاجلة ، ثم قيّد المعجل بقيدين : الأوّل : قوله : (ما نَشاءُ) أي : ما يشاء الله سبحانه تعجيله له منها ، لا ما يشاؤه ذلك المريد ، ولهذا ترى كثيرا من هؤلاء المريدين للعاجلة يريدون
__________________
(١). الأنعام : ١٢٣.