بقليل المال على العموم. بل بعضهم كثير المال ، إلا أن يراد أن جميع النوع الإنساني قليل المال بالنسبة إلى خزائن الله وما عنده. وقد اختلف في هذه الآية على قولين : أحدهما : أنها نزلت في المشركين خاصة ، وبه قال الحسن ، والثاني : أنها عامة ، وهو قول الجمهور ، حكاه الماوردي.
وقد أخرج ومسلم وغيرهما عن أنس قال : «قيل : يا رسول الله ؛ كيف يحشر الناس على وجوههم؟ قال : الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم». وأخرج أبو داود ، والترمذي وحسّنه ، وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف : صنف مشاة ، وصنف ركبانا ، وصنف على وجوههم» ثم ذكر نحو حديث أنس. وفي الباب أحاديث. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، في قوله : (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) قال : يعني أنهم وقودها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه في قوله : (كُلَّما خَبَتْ) قال : سكنت. وأخرج هؤلاء عنه أيضا في الآية قال : كلما أحرقتهم سعرتهم حطبا ، فإذا أحرقتهم فلم يبق منهم شيء صارت جمرا تتوهّج فذلك خبوها ، فإذا بدّلوا خلقا جديدا عاودتهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله : (خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) قال : الرزق. وأخرج أيضا عن عكرمة في قوله : (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) قال : إذا ما أطعمتم أحدا شيئا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) قال : الفقر (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) قال : بخيلا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة (خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) قال : خشية الفاقة (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) قال : بخيلا ممسكا.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩))
قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ) أي : علامات دالّة على نبوّته. قيل : ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أن المعجزات المذكورة كأنها مساوية لتلك الأمور التي اقترحها كفّار قريش ، بل أقوى منها ، فليس عدم الاستجابة لما طلبوه من الآيات إلا لعدم المصلحة في استئصالهم إن لم يؤمنوا بها قال أكثر المفسرين : الآيات التسع : هي الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والعصا ، واليد ، والسنين ، ونقص الثمرات. وجعل الحسن مكان السنين ونقص الثمرات : البحر والجبل. وقال محمد بن كعب القرظي : هي