عنك ، فأنزل الله (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ) إلى قوله : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً) زاد أبو الشيخ عن سلمان : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام يلتمسهم ، حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله تعالى فقال : «الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي ، معكم المحيا والممات». وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال : نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في بعض أبياته (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) ، فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله منهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الخلق ، فلما رآهم جلس معهم وقال : «الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم».
وأخرج البزار عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : «جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجل يقرأ سورة الحجر أو سورة الكهف فسكت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم» وفي الباب روايات. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن نافع قال : أخبرني عبد الله بن عمر في هذه الآية (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) أنهم الذين يشهدون الصلوات الخمس. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه في قوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) الآية قال : نزلت في صلاة الصبح وصلاة العصر. وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) قال : نزلت في أمية بن خلف ، وذلك أنه دعا النبي صلىاللهعليهوسلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة ، فأنزل الله هذه الآية ، يعني من ختمنا على قلبه يعنى التوحيد (وَاتَّبَعَ هَواهُ) يعني الشرك (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) يعني فرطا في أمر الله وجهالة بالله. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال : دخل عيينة بن حصن على النبي صلىاللهعليهوسلم في يوم حارّ ، وعنده سلمان عليه جبة صوف ، فثار منه ريح العرق في الصوف ، فقال عيينة : يا محمد إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وضرباءه من عندك لا يؤذونا ، فإذا خرجنا فأنت وهم أعلم ، فأنزل الله (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ) الآية. وقد ثبت في صحيح مسلم في سبب نزول الآية المتضمنة لمعنى هذه الآية ، وهي قوله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) (١) عن سعد بن أبي وقاص قال : كنّا مع النبي صلىاللهعليهوسلم ستة نفر ، فقال المشركون للنبي صلىاللهعليهوسلم : اطرد هؤلاء لا يجترءون علينا ، قال : وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسمهما ، فوقع في نفس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما شاء الله أن يقع ، فحدّث نفسه ، فأنزل الله (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) قال : ضياعا. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة (وَقُلِ الْحَقُ) قال : هو القرآن. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس في قوله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ
__________________
(١). الأنعام : ٥٢.