قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).
استشكل أبو حيان ترتيب يستقدمون جوابا للشرط بأنه أمر بديهي ظاهر ؛ وتقديره أنهما شرطان وجوابان حسبما تقرر في المنطق أن الشرطية تتعدد بتعدد تاليها ، وأجاب بأن الشرط أمر تقديري وليس بوجودي فيصح ترتيبه عليه بهذا الاعتبار.
قال : أو يجاب بأن العطف للتسوية ، أي كما تعلمون أنتم لا يستقدمون عليه ؛ كذلك فاعلموا أنهم لا يستأخرون عنه.
قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ).
قيل : المراد ببني آدم هذه الأمة ، والرسل النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ؛ وجمعه لاختلاف حالاته ، كما قال الشاعر : أنشده الآمدي في شرح الجزء عليه :
فقلت اجعلوا ضوء الفراقد كلها |
|
يمينا ومهوى النسر من عن شمالكا |
فإن قلت : إتيان الرسل محقق فهلا عبر بإذا؟ ، قال : فعادتهم يجيبون بأنه إشارة إلى مذهب أهل السنة في أصل بعثه الرسل أنها محض تفضل من الله تعالى ، فإن ذلك ممكن جائز وليس بواجب وزيادة فأشار إلى وقوع ذلك وتحققه.
قوله تعالى : (فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ).
التقوى راجعه إلى اجتناب المنهيات والاصطلاح لامتثال المأمورات ، ومن موصول الأجواب الأشرطية ؛ لأنها لا تقتضي وقوع الشيء لا إمكان وقوعه.
قوله تعالى : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
إن قلت : لم نفى الخوف بالاسم ، والحزن بالفعل؟ فأجاب ابن عرفة بوجهين :
الأول : متعلق الحزن ماض ، ومتعلق الخوف مستقبل والأمور المستقبلة أكثر من الأمور الماضية فأشبهت غير المتناهي ألا ترى أن الإنسان يخاف العذاب في الدنيا وفي الآخرة ، وأمر الآخرة غير متناه لأنه بدخول الجنة يذهب عنه الخوف دائما.
الثاني : أن سبب الخوف يمكن دفعه والتحرز منه ؛ لأن متعلقه مستقبل ، وسبب الحزن لا يمكن رفعه والماضي لا يرتفع.
قوله تعالى : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً).
قال ابن عرفة : هذه الآية إذا كانت في [٣٣ / ١٦٤] النزول متصلة بما قبلها فالفاء للاستئناف ، وعلى الأول في الآية التفات بالخروج من التكلم إلى الغيبة ؛ وهذا إن أريد