قوله تعالى : (لَمَّا جاءَتْنا).
ولم يقل : لما ظهرت لنا ؛ لأن مجيئها لهم لم يستلزم ظهورها لهم لأجل مجيئها إليهم مع أنها جاءت لهم ولغيرهم ؛ لكن تخصيص نسبة مجيئها إليهم على أن المراد مجيء وقع لهم وإفادة وظهور.
قوله تعالى : (وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ).
يؤخذ منه عدم التعزية في النساء ، كما قال عمر بن عبد العزيز في كتاب الجنائز : لأن ظاهر الآية أن إحياءهم عذاب ونقمة ؛ يدل عليه أن موتهن رحمة ونعمة ؛ ورد بأن إحيائهن دون رجال عذاب ، كما أن إحياء الرجال دون النساء عذاب.
قوله تعالى : (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا).
جعله ابن عطية ضجرا منهم ، وجعله الزمخشري طرديا ، فكأنهم يقولون : مجيئك لنا وصف طردي لم يفدنا شيئا وهذا كفر.
ابن عرفة : والصواب غير هذا ، وهو أنهم قصدوا الاعتراف باتصافهم بالصبر مطلقا ، ومساواة حالهم في ذلك قبل مجيئهم كحالهم بعد مجيئه ، وأخبروا أن شأنهم وديدنهم الصبر.
قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).
كان بعضهم يقول : يؤخذ من هذا أن المصائب والآلام النازلة بالإنسان نعمة ورحمة في حقه لأن نالها التذكير وهو يصبر على مرارته فيعقبه صحة وعافية.
قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ).
قال ابن عرفة : أتي في الحسنة بإذا وعرفها وجعل فعلها ماضيا بلفظ جاء ، وأتى في السيئة بإن وذكره ونكرها وجعل فعلها مستقبلا ، فقال تعالى (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) إشارة إلى أنهم لا يعتبرون إلا الحسنة الثابتة المحققة وأنهم يتطيرون بأدنى سيئة وأقلها ولو لم تكن محققة.
قوله تعالى : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ).
قال ابن عرفة : لفظة ما لا يقتضي التكرار بذاتها.
قال ابن مالك : قوله تعالى : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) هذا ما توصل منهم بذلك ، أو طلبوا منه أن يدعو متوسلا لربه بما عهد عنده وقسموا بذلك على أنهم يؤمنوا