وقال ابن عرفة : يحتمل أن يتعلق إلى أجل ، بقوله : (الرِّجْزَ) أي : كشفنا عنهم الرجز المغيا بغاية فيكون المراد بذلك ما في نفس الأمر.
قوله تعالى : (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ).
أي : فأردنا الانتقام منهم فأغرقناهم ؛ والمراد انتقمنا منهم بأنواع العذاب المتقدمة فأغرقناهم بعد ذلك في اليم ، أو يكون العطف تفسيريا ، كما قال ابن رشد في المقدمات في قوله تعالى : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) فإن تذكر الإنسان ما أنعم الله وما أعد له من الحسنات وما يناله من السيئة فإنه ينزجر عما هو عليه من المعاصي.
قوله تعالى : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا).
سماه ميراثا ولم يسميه إعطاء ؛ لأنهم قالوه بعد موت القبط وكذلك هو الميراث ، ولأنهم نالوه بغير سبب لهم ولا للقبط ، فيه خلاف الإعطاء فإنهم ينالون ما أخذ بسبب وما أخذ من غير سبب.
قال ابن عرفة : إذا قلنا : فلان ضعيف ؛ فهو ضعيف في نفسه ، وإذا قلت : فلان متضعف ؛ فهو محتقر أعم من أن يكون في نفسه ضعيفا أو قويا ، واحتقر ؛ لأنه ليس له قرابة ولا أصدقاء يحمونه.
قوله تعالى : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ).
يقتضي ذهاب كل ما صنعوا وعدم بقائه.
قوله تعالى : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا)
يقتضي البقاء ، قلت : يحتمل أن يكون المعنى دمرنا كل ما صنع من استخدام بني إسرائيل واستضعافهم.
قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى).
فيه رد على ابن التلمساني في قوله في أول شرح المعالم الفقهية : إن لفظ التمام يشعر بالتركيب ، ولأن كلمة الله غير مركبة ؛ إذ ليس بحرف ولا صوت ، وأجيب بأن المراد العبارة عن الكلمة لا معنى الكلمة باللفظ ؛ والمعنى غير مركب ، وأورد عليه أنه تقدم في قولهم (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا).
وتقدم لابن عطية أنه على سبيل التضجر ، فأين الصبر هنا؟ وأجاب ابن عرفة بوجهين :