الثاني : أن المتصوفة قالوا : الوصال الجيد أربعون يوما فناسب هذا الإخبار بوقوع الليالي التي هي محل الفطر فيها ، قال : وهذا إن صح أنه صامها.
قال الفخر : إن قلت : لا فائدة لقوله (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ؛) لأن ما قبلها ينفى عنه ؛ فالجواب : أن العشرة لا تحتمل أن تكون من الثلاثين ، أي : أتممنا الثلاثين بعشرة ، فالكلام محتمل هنا كملت الثلاثون بعشر من جنسها أو من غير جنسها ، فقال : قال : أتممنا احتمل كون العشرة داخلة في الثلاثين.
الجواب الثاني : أن العشر يحتمل أن تكون ساعات ، وهذا لا يصح ؛ لأن تمييز العدد لا يحذف إلا لدليل.
الجواب الثالث : أن معنى قوله (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ) فثبت ووقع واستقر ؛ فهو إشارة إلى أن موسى فعله ووفاء به ؛ لأن الكلام كان محتملا هل وفاء بالعهد أم لا؟.
قوله تعالى : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي).
قال ابن عرفة : يؤخذ من الآية جواز الوكالة إن قلنا : إن شرع من قبلنا شرع لنا ، كما قالوا في قوله تعالى : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ) [سورة القصص : ٢٧].
قال ابن الخطيب : لا يصح أن يكون الاستثناء به في النبوة.
وقال ابن عرفة : بل يصح عقلا وشرعا ؛ لأن مذهب مالك ـ رحمهالله ـ جواز توكيل أحد الوصيين لشريكه في الإيصاء بأن يجعل ما بيده تحت يد [٣٥ / ١٧٠] شريكه ، قال : ويؤخذ من الآية انعقاد الوكالة بقوله : كن وكيلي وهي دائرة بين أمرين :
فقال في المدونة : زوجني ابنتك بكذا ، فقال : قد فعلت ، فقال : لا أرضى أنه يلزمه النكاح ولا مقال له ، وكذلك إذا قالت له : بما يعني بكذا ، فقال : قد فعلت ، فقالت : لا أرضى أنه يلزمها الخلع ولا مقال لها ، فوجه الأول أن هول النكاح جد.
الثاني : أنها دخلت في عهدة الطلاق ، وقال : إذا قال له : بعني سلعتك ، فقال : قد فعلت فقال : لا أرضى أنه يلزمه ويحلف على ذلك ذكرها في كتاب بيع الغرر من التهذيب ؛ فانظر هل للحق الوكالة بالبيع أو النكاح.
قوله تعالى : (وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).
ابن عرفة : يؤخذ أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده ، وإلا كان يكون.
قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعْ).