السامري ، فإنه هو الذي صنعه ونسب فعله إلى جميعهم ؛ إما لأن السامري منهم فهو من مجاز تسمية الكل باسم البعض على جهة التقليب ، وإما أنهم رضوا بفعله فهو من باب استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، وإما معنوي ونسبة الكل إليهم حقيقة لأنهم اتخذوه إلها.
قوله تعالى : (جَسَداً).
قالوا : أفاد الوصف به أنه لا روح فيه ، وقيل : إشارة إلى أنه لا رأس له.
ورده ابن عرفة بقوله تعالى : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [سورة الأنبياء : ٨] ، قال : وعندي أنه أفاد التبكيت عليهم من أنهم عبدوا من لا يستحق العبودية ؛ لأن الإله منزه عن الجسمية والتحيز.
قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً).
ابن عرفة : أخذوا منه إثبات صفة الكلام لله تعالى.
قوله تعالى : (وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً).
يتضمن العلم والقدرة والإرادة ، وكان بعضهم يستشكل الآية ، ويقول : ظاهرها أن وجود الكلام وهداية السبيل علامة على الألوهية ، وهذا المعنى ثابت في الرسل فيلزم أن كل واحد منهم إلها.
وأجيب بأنه استدلال بنفي الإلزام على نفي الملزوم ، ولأن من لوازم الإله أن يكون متكلما هاديا السبيل ، فإذا انتفى هذا اللازم من الشيء انتفى عنه ملزومه وهو الألوهية ؛ فيلزم من نفي اللازم نفي الملزوم ولا يلزم من ثبوته ثبوته.
قال ابن عرفة : وعادتهم يجيبون بأن الآية دلت على أن عدم الكلام نفي الملزوم وهو عدم الكلام وعدم الهداية ؛ لأنه إذا انتقى عدم الألوهية ثبتت الألوهية ؛ فكل من ثبتت له الألوهية ثبت له الكلام والهداية ، ولا يلزم من نفي الملزوم نفي اللازم ؛ لأنه لا يلزم من نفي عدم الكلام نفي عدم الألوهية ؛ أي : لا يلزم من ثبوت الكلام ثبوت الألوهية.
قوله تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً).
قال ابن عرفة : عادتهم يوردون في هذه الآية استشكالين :
أحدهما : أن حكم الحاكم من باب تغيير المنكر حسبما ذكره الشيخ عز الدين ، فيقال : الحاكم إذا عرض له طريقان قريبة وبعيدة أنه ينبغي له أن يسلك القريبة ويترك