السؤال الثاني : هل استفهام فيه معنى النفي ، فلم عدل من صريح النفي وحقيقته إلى مجازه؟
وجوابه : أن الاستفهام يقتضي أن المستفهم موافق ؛ ألا ترى أنه لا يجاب بنعم ولا بلا ، فلا تقول : هل زيد إلا قائم إلا لمن يوافقك فإن لم هل يوافقك أم لا ، قلت : ما زيد إلا قائم ، والمنافقون يوافقون على أنهم ما يتربصون بهم إلا لأحد أمرين.
السؤال الثالث : لم أتى في الأول أداة الحصر ولم يأت بها في الثاني ، فقال : ونحن نتربص بكم من غير حصر؟
وجوابه : أن المنافقين لما كانوا يتربصون واحدا من ثلاثة ، إما الظفر بهم ، أو الموت مجاهدين ، أو الموت من غير ثواب ؛ احتج للحصر والمؤمنين يتربصون بالمنافقين المذكورين في الآية ، وأمرا ثان وأن يسلموا فيحسن حالهم ، لم يؤت بالحصر لأجل هذا.
السؤال الرابع : لم أعم الحسنيين وبين [...]؟
وجوابه : أن المنافقين لما كانوا يزعمون أن الظفر بالمؤمنين أو موت أحدهم ليس بحسن ، عبر عنهما بالحسنيين ، ولما كانا نفس الوصفين الأخيرين لم يحتج إلى التغيير عنه بوصف القبح كل [...].
السؤال الخامس : الحسن تأنيث أحسن وهو يقتضي التفضيل وأنها أحسن العواقب والأخرى لذلك فكيف يتصور الجمع بينهما؟
وجوابه : أن الحسن والحسنى مستويان أو أحدهما أفضل وهو الموت مجاهدا ، يفضل الآخر على ما سواه.
قوله تعالى : (أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ).
إن قلت : لا يلزم من نفي القبول نفي الإجزاء ، فالجواب : أن من لوازم الإجزاء رجاء القبول ، فإذا انتفى القبول انتفى رجاؤه فانتفى الإجزاء لضرورة أنه يلزم من نفي اللازم يلي الملزوم ، هذا إن قلنا : أن الإجزاء مغاير للقبول ، وإن قلنا : إنهما متساويان وللسؤال قوله تعالى : (لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ) ولم يقل : ..... (١) إليه مع أنهم لم يتقدم لهم استقرار فيه ؛ لأن الأول أبلغ من حيث إن مضي الإنسان لما تقدم له في استقرار أسرع منه لما لم يتقدم له منه استقرار فيها.
__________________
(١) بياض في المخطوطة.