قوله تعالى : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
وقال تعالى بعدها (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها) في الدنيا.
قال ابن الخطيب : اللام هنا بمعنى إن ، فلا يصح أن تكون لام في لئلا يلزم عليه مذهب المعتزلة في أن أفعال معللة ، وأنه إنما يفعل للغرض ، قلت : أبطله الأستاذ أبو العباس ابن القصار بأنه لم يذكر أحد من النحاة كون اللام بمعنى إن ، قال : والصواب إن كان يقول أنها زائدة ، كما زيدت في قوله :
أريد لأنس ذكرها فكأنما |
|
تمثل لي ليلى بكل سبيل |
قال : لكن يرد عليه أنها ناصبة بإضمار إن بعدها ؛ فلما بنت عن إن ضعف كونها زائدة إلا أن يجاب بأن هذا الموضع ما يصح فيه إظهار إن أو إضمارها.
قوله تعالى : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ).
ابن عرفة : قال في التي قبلها (لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) فجعل الفسق علة في عدم القبول ، وإن جعله هنا مانعا من القبول ، وجوابه أن الفاء فيما يحتاج إلى دليل ؛ لأن الأصل العدم ، وهناك نفي القبول فعلله بعلة واحدة وهي الفسق وهنا أثبته ؛ لأن المنع إنما يكون لما ثبت ولأن القبول في اللفظ مثبت ، لقوله (أَنْ تُقْبَلَ) فاستدل عليه بثلاثة أدلة ، ولأن المنع من وجود المفسدة أقوى من العلة في عدمها ؛ لأن المانع دافع لها بعد أن كانت في مادة الثبوت ، ولهذا استدل ثلاثة أمور ، وهي : الكفر ، والكسل في الصلاة ، وكراهة النفقة ، قلت له : وفي الآية أسئلة :
الأول : ما فائدة الحصر؟ فقال : احتمال كون المانع من القبول قصدهم ، والنفقة الرياء والسمعة مع كفرهم وكسلهم في الصلاة.
الثاني : لم عدل عن المفعول الصريح إلى الجملة وهي (أَنْ تُقْبَلَ).
الثالث : لم أخر النفقات عن المجرور؟
الرابع : أن القبول أخص من الإجزاء ، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص ولا ينعكس ، فهلا قيل : وما منعهم أن يجزيهم.
الخامس : ما يصنع إلا ما هو في طاقته وقبول نفقتهم ليس من كسبهم ، فقال : سنته من كسبهم ، وهذا السؤال إنما يرد إذا جعلنا فاعل منعهم ضمير عائد على الله ،