ولم يقل : مع المغرقين إشارة إلى أن من له عقل وهمه ينبغي أن يكون تحفظه على صون نفسه ؛ لأن حفظ الأديان له من حفظ النفوس ، وذكر هنا الزمخشري وابن عطية أن هذا الولد لم يكن ابن رشد ، وإنما كان ابن زنا ، قال ابن عرفة : وعادتهم ينكرون هذا فإن الأنبياء معصومون من أن ينسبوا لأنفسهم ما ليس لهم ، قال : والدليل على ذلك قوله في سورة التحريم (فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً) [سورة التحريم : ١٠] فدل على أنه طلب نجاة زوجته من العذاب فلم يسعف بمطلبه فهو بريء من ذلك ، ولو كان له في ذلك من ذلك ذنب لما كان في نسبة أن يطلب نجاتها من العذاب.
قوله تعالى : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ).
قال ابن عرفة : هذا على أسلوب المنطق من أن المرجئة الجزئية ترتفع بالسالبة الكلية ، قال : ويعصمني إنما هو بمعنى يحفظني وإن جعلنا بمعنى فيرد فيه إشكال وهو أن المتبادر للفهم إن كان يقال بمنع الماضي ؛ لأنه هو الذي يتضرر بالماء وينسب فيما يمنع الماضي أن يضره.
قوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ).
استثناء إما منفصل أو متصل ؛ فإن كان المراد لا معصوم ؛ أي لأن العصمة [.....].
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ).
أي ذو لبن وذو تمر ، وإما أن المراد إلا الراحم ، والراحم هو الله تعالى لا غيره ، وجعله ابن عطية مستثنى من المفهوم فهو ، كما يقول الزمخشري : مستثنى من أعم الأعم ؛ لأن نفي العاصم يستلزم نفي المعصوم باستثناء المرحوم من رحم لازم لا بها ، وقيل : إنه استثناء منقطع ، قال : وعادة الطلبة يقولون : جاء الحكم في زيادة لفظ اليوم مع أن العاصم من أمر الله منفي مطلقا ، قال : فمفهومه أنه موجود في غير ذلك اليوم ، قال : وأجيب بأنه مفهوم موافقة ؛ لأن الإنسان ما يطلب على العاصم والمنجي إلا عند نزول الشدائد به والمصائب ، أما إذا كان بمنجاة منا فلا يطلب عليه بوجه فإذا انتفى العاصم حالة الحرص على طلبه والحاجة إليه فأحرى أن ينتفي حالة عدم الحرص على طلبه والبحث عنه.
قوله تعالى : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ).