قوله تعالى : (مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) بالدخول.
لأن حيث لا يضاف إليها ظرف يكون محلا للفعل العامل فيها وأمر ليس محلا للدخول وإنما محله متعلق وأمر بالدخول من أبواب مفتوحة فأطلق الأمر على متعلقه مجازا لأن المراد (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ).
قوله تعالى : (ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ).
أي دخولهم غير قابل لأن يغني عنهم شيئا لأن اقترانه بكان يدل على نفي القول قلت لأن هو لا يغني شيئا مطلقا دخلوا من حيث أمرهم أو لا فقال هو تنبيه بالأعلى على الأدنى لأن هذا دخول اختاره لهم أبوهم وتوخاه فإذا لم يغن عنهم شيئا قادرا أن لا يغني عنهم غيره.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ).
قال ابن عرفة عطف الأولى بالواو بعده بفاء السبب بسبب ما وقع من المقاولة بين يوسف وأخيه المتضمنة [...] بنية السرقة إليه حرصا على عدم مفارقة ذكرها الزمخشري والظاهر أن هذا الجهاز أكثر من الأول لوجوده منها أن الكريم إذا كره الإعطاء يزيد وغيره يقطع وأيضا فإن قدومهم الثاني محصل له أنال المعرفة بهم قوله (جَعَلَ السِّقايَةَ) أي أمر من جعلها إذا الغالب أنه لا يجلس في مجلس الطعام ولا يجول إليه ليلا بفطن (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ) قال الزمخشري : ومنه المؤذن لكثرة ذلك عنه وتبعه في ذلك أبو حيان المختص ، وقال : إن التضعيف للمبالغة والتكثير ، ورد ابن عرفة بأنه إنما يكون للمبالغة في فعل كفتح من فتح كان متعديا لواحد فلم يزده التضعيف تعديا فساد تضعيفه للمبالغة لأجل زيادة الحرف ، وأما هذا فوزن أذن فعل ووزن أذّن أفعل وكلاهما رباعي فلم يزده التضعيف فإن المبالغة قبله لعلم في أذن بالتخفيف فقال لا يقال أذن وإنما يقال في الثلاثي أذن قلت ووافق الحق لابني وابن القصار على هذا التضعيف ، قال الخولاني : أذن وزنها فعل كأعرب وليس وزنه فاعل لأن الهمزة الأولى زائدة والثانية أصلية ، وأصله أذن فهملت الثانية ، وأما أذن فوزنه فعل لأن الهمزة الأولى أصلية لأنه مضاعف وأحد الحرفين المدغمين زائدا وأقل الأصول ثلاثة فلا بد أن تكون الهمزة أصلية فصح أن وزنه فعل فالفعلان رباعيان فأين فائدة التضعيف ، وإنما كانت الهمزة الثانية في أذن أصلية لتوافقها في الاشتقاق أو خوص الأذان والأذان انتهى.
قلت : ونظرته مع صاحبنا ابن القصار حفظه الله في المنع لابن عصفور فوجدناه ذكر لأفعل أحد عشر معنى وأفعل ثمانية معان أحداها أن يكون للتنكير ، قال : وذلك