وأسقيته : إذا جعلت له سقيا. أمّا كلمة «الاستسقاء» فهي الدعاء بطلب السقي مثل «الاستمطار» لطلب المطر. وقال : ممّا في بطونه أي ممّا في بطون هذه الأنعام وذكّر الضمير العائد عليها باعتبار إرادة الجنس كتذكير «هذا» في الآية الكريمة الثامنة والسبعين من سورة «الأنعام» واسم الإشارة يعود إلى الشمس وذكر لأن المراد بالشمس : الكوكب. و «الأنعام» وردت في القرآن الكريم على مراعاة جانب اللفظ وعلى جانب المعنى. وفي الآية الكريمة المذكورة جاء التذكير في «بطونه» مراعاة لجانب اللفظ فإنه ـ أي الأنعام ـ اسم جمع. وجاء تأنيثه في سورة «المؤمنين» : «في بطونها» أي من ألبانها لأن المراد رعاية جانب المعنى. ومعناه جمع أيضا. قال الزمخشري : ويجوز أن يقال في «الأنعام» وجهان .. أحدهما : أن يكون مكسر «نعم» أي جمع تكسير وأن يكون مفردا مقتضيا لمعنى الجمع. فإذا ذكّر فكما يذكّر «نعم» في قول الشاعر قيس بن الحصين الحارثيّ وهو صبيّ من بني سعد :
في كل عام نعم تحوونه |
|
يلقحه قوم وتنتجونه |
هيهات هيهات لما يرجونه |
|
أربابه توكى فلا يحمونه |
ولا يلاقون طعانا دونه |
وإذا أنّث «الأنعام» فقيه وجهان : إنّه مكسر ـ جمع تكسير ـ نعم .. وإنّه في معنى الجمع. الشاعر يخاطب قوما من اللصوص والمغيرين .. ويقول لهم : تحوون كل عام نعما لقوم ألقحوه وأنتم تنتجونه في حكيم .. ثم يقول على طريق التحسر والتحزن : أرباب هذه النعم حمقى لا يجمعونه من غاراتكم ولا يحاربون بالطعان دونه فلهذا أنتم تأخذونه منهم بالغارة. و «توكى» جمع «تائك» وهو اسم فاعل للفعل «تاك» نحو : تاك ـ يتيك ـ تيوكا ـ بمعنى كان أحمق فهو تائك.
** (سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) : أي سهل المرور في الحلق .. يقال : ساغ له هذا الأمر ـ يسوغ ـ سوغا : بمعنى سهل وهو من باب «قال» و «ساغ» بمعنى : سهل مدخله في الحلق وأسغته إساغة : أي جعلته سائغا ويتعدّى الفعل بنفسه في لغة وقوله تعالى في سورة «إبراهيم» : «ولا يكاد يسيغه» معناه : يبتلعه. ومن هنا قيل : ساغ فعل الشيء بمعنى «الإباحة» ويتعدّى بالتضعيف فيقال : سوّغته أي أبحته. فهو مسوّغ ـ اسم مفعول ـ
** (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السابعة والستين .. بمعنى وتتخذون من ثمار النخيل وعصير الأعناب. فحذف المضاف «عصير» وحلّ المضاف إليه «الأعناب» محلّه. أو بتقدير حذف مفعول. أي ونسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب عصيرا تتخذون منه سكرا.
** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : أي في ذلك المذكور .. فحذفت الصفة أو البدل المشار إليه «المذكور» أي المذكور من أمر النحل.
** (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) : أي لإدواء الناس .. فحذف المضاف «إدواء» وأقيم المضاف إليه «الناس» مقامه. ونكّر «شفاء» لاحتمال تعظيم الشفاء أو لأن فيه بعض الشفاء و «مختلف» اسم فاعل. ولم يقل «مختلف» لأن الفعل منه فعل لازم لا تأتي منه صيغة مفعول كما هو الحال مع الفعل المتعدي لأنه لا يصحّ أن يقال : اختلف الناس القضية .. بل نقول : اختلف القوم في القضية ولا يجوز فتح لام «المختلف» إلّا بعد تعديته بحرف جر في قولنا : هذه هي القضايا المختلف فيها.