** (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى. المعنى : تقدس وتعظم الله الذي .. ولم يذكر فاعل تبارك وهو اسم لفظ الجلالة اختصارا ولأنه معلوم وأعربت صفته فاعلا أي الاسم الموصول «الذي» والفعلان «تبارك» و«تقدس» بمعنى واحد .. وقوله «على عبده» يعني على الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ونسب سبحانه عبودية محمد له جلت قدرته تكريما لنبيه وتشريفا له لكونه في أعلى مراتب العبودية لله عزوجل. و«نذير» صيغة «فعيل» بمعنى «فاعل». أو يأتي بمعنى المصدر «إنذار» والفعل «تبارك» بمعنى : تكاثره خيره .. مأخوذ من البركة وهي كثرة الخير. وقيل : إن «الخير» يجمع على «خيور» و«خيار» بضم الخاء وكسرها و«الشر» وهو السوء والفساد والظلم يجمع على «شرور» قال الجوهري : يقال : رجل خير ـ بتشديد الياء ـ وخير ـ بتسكين الياء ـ مثل «هين وهين» وكذا يقال : امرأة خيرة وخيرة. قال تعالى في سورة «التوبة» : (وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ) وهو جمع «خيرة» وهي الفاضلة من كل شيء. وقيل : خيرات هنا بمعنى : خيرات ـ بتشديد الياء ـ حسان الوجوه. جمع «خيرة» جاءت في الآية مخففة مثل هين وميت وميت. قال الشاعر :
ففي الهيجاء ما جربت نفسي |
|
ولكن في الهزيمة كالغزال |
ألا إن خير الناس حيا وميتا |
|
أسير ثقيف عندهم في السلاسل |
** (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الرابعة حذفت الصفة أو البدل المشار إليه .. اختصارا لأنه معلوم. التقدير والمعنى : ما هذا القرآن إلا اختلاق.
** (افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) : أي اختلقه وأعانه على جمعه قوم آخرون .. يقال : استعان به فأعانه وقد يعدى بنفسه فيقال استعانه. والعون : هو الظهير على الأمر والاسم المعونة والمعانة أيضا بفتح الميم .. ووزن «المعونة» مفعلة بضم العين وبعضهم يجعل الميم أصلية ويقول هي مأخوذة من «الماعون» قال تعالى في سورة «الماعون» : «ويمنعون الماعون» والماعون أيضا : الزكاة .. ووردت هذه اللفظة أيضا بمعنى «الزكاة» في قول الشاعر :
قوم على الإسلام لما يمنعوا |
|
ما عونهم ويهللوا التهليلا |
يقول : هم قوم على الإسلام لم يمنعوا الزكاة ولم يضيعوا الصلاة .. وعبر عن «الصلاة» بالتهليل وقيل : الماعون : ما يستعار في العادة من الفأس والقدر والدلو ونحوها. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : الماء والنار والملح في قوله تعالى في الآية المذكورة وقد يكون منع هذه الأشياء محظورا في الشريعة إذا استعيرت عن اضطرار وقبيحا في المروءة في حال الضرورة.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة الرابعة من سورة «الفرقان» في النضر بن الحارث الذي قال هذا القول بعد أن أسلم ثلاثة غلمان من أهل الكتاب.
** (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. أي قالوا هذا القرآن أكاذيب المتقدمين أي كتبها لنفسه ليحفظها ومن أحسن ما قيل في تفسيرها ما ذكره الزمخشري : المعنى : اكتتبها كاتب له لأنه أي محمدا صلىاللهعليهوسلم كان أميا لا يكتب بيده وذلك من تمام إعجازه .. ثم حذفت اللام أي من «له» فأفضى الفعل «اكتتب» إلى الضمير فصار : اكتتبها إياه كاتب كقوله تعالى :» واختار موسى قومه». ثم بنى الفعل للضمير الذي هو «إياه» فانقلب مرفوعا مستترا بعد أن كان بارزا منصوبا وبقي ضمير الأساطير على حاله فصار اكتتبها.