(وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) : الواو حرف عطف. أحسن : معطوف على «الحق» مجرور مثله وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف ـ أي من التنوين ـ على وزن «أفعل» أي صيغة تفضيل وبوزن الفعل. تفسيرا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وبما هو أحسن معنى وبيانا ومؤدى من سؤالهم أو وإيضاحا وهو ما يبطل اقتراحهم.
** (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. المعنى : ولا يجيئك يا محمد هؤلاء الكفرة باقتراح من اقتراحاتهم الباطلة. والمثل : المراد به هنا هو اقتراح غريب لا بطال دعوة الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمثل : هو الكلام الخارج عن المعقول الذي يجري مجرى الأمثال في غرابته. و«بالحق» أي بالجواب الثابت .. فحذف الموصوف «الجواب» وأقيمت الصفة «الحق» مقامه. أي الحق الذي يدفع بطلانهم.
** (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. بمعنى : حين كذبوا نوحا رسولهم .. وعبر عن الرسول الواحد «أي نوح» بالرسل لأن من كذب رسولا فقد كذب جميع الرسل. وقيل : سمي «نوح» عليهالسلام بهذا الاسم لأنه كان يكثر النياحة على نفسه .. هذا ما قاله «عكرمة» وقيل : ما كان بين نوح وإبراهيم إلا نبيان هما : هود وصالح .. وكان بين «نوح» و«إبراهيم» ألفان وستمائة وأربعون سنة .. و«نوح» هو الذي بنى أول قرية بعد طوفان نوح وهي قرية ثمانين في الجزيرة الفراتية شمالي العراق. وقال قتادة : الناس كلهم من ذرية نوح .. وكان لنوح ـ عليهالسلام ـ ثلاثة أولاد : هم : سام .. حام .. ويافث. فسام : هو أبو العرب وفارس والروم. وحام : هو أبو السودان من المشرق إلى المغرب. ويافث : هو أبو الترك ويأجوج ومأجوج : وهما شخصان رمزيان .. وهم أقوام مخربون عاثوا في الأرض فسادا فوقى ذو القرنين الناس الآمنين عدوانهم ببناء سد يحول دون طغيانهم. وسميت «الذرية» نسلا لأنها تنسل منه أي تنفصل منه وتخرج من صلبه. ويقال للولد. سليل .. ونجل. وذو القرنين : هو الإسكندر المقدوني. وروي أنه قد مات كل من كان مع نوح في السفينة غير ولده. كانوا ثمانية وسبعين نفسا .. نصفهم ذكور ونصفهم إناث .. منهم أولاد نوح : سام وحام ويافث ونساؤهم. وعن محمد ابن إسحاق : كانوا عشرة : خمسة رجال وخمس نسوة. وقد روي عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : كانوا ثمانية : نوح وأهله وبنوه الثلاثة.
** (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين. المعنى : وأهلكنا أيضا قوم عاد الذين كذبوا رسولهم هودا بريح صرصر عاتية وقوم ثمود الذين كذبوا رسولهم صالحا بالصيحة .. بعد حذف المضاف المفعول به «قوم» أقيم المضاف إليه «عاد» مقامه وانتصب انتصابه مفعولا به .. وأصحاب الرس : أي البئر غير المطوية أي أصحاب البئر وهم قوم شعيب. وهم في رأي بعضهم : أصحاب الأخدود : كانوا وثنيين يعبدون الأصنام أهلكناهم بالخسف أي انهارت بهم منازلهم وقيل : هي قرية عظيمة كان فيها بقايا ثمود .. وحذفت اختصارا الصفة المشار إليها بعد اسم الإشارة في قوله : بين ذلك .. أي بين ذلك المذكور على معنى : المحسوب أو المعدود .. المعنى : وأهلكنا أقواما كثيرين بين عاد وأصحاب الرس بسبب كفرهم وتكذيبهم رسلهم.