** (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والثلاثين .. المعنى والتقدير : وكل قوم من هؤلاء الأقوام المهلكين بينا له الأمثال وكل قوم منهم أهلكناه ودمرناه تدميرا .. وبعد حذف المضاف إليه «قوم» نون آخر المضاف «كل» لانقطاعه عن الإضافة .. يقال : تبر ـ يتبر ويتبر .. من بابي «تعب» و«قتل» بمعنى : هلك ويتعدى بالتضعيف ـ التشديد فيقال : تبره : أي أهلكه. وقوله «ضربنا له الأمثال» معناه : بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين. وقال إبراهيم النظام : يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام : إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية : فهو نهاية البلاغة. وقال ابن المقفع : «إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق وآنق للسمع وأوسع لشعوب الحديث. وقال ابن السكيت : المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ .. والمثل : يحذف في كلام العرب كثيرا اختصارا ولكثرة استعماله نحو قولهم : أبو يوسف أبو حنيفة : يريد مثله.
** (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الأربعين .. المعنى : ولقد مر كفار مكة في أثناء تجاراتهم إلى الشام على قرية «سدوم» وهي عظمى قرى قوم لوط التي أمطرت أي أهلكت بالحجارة التي أمطروا بها. وأمطرت مطر السوء : كناية عن هلاكهم.
** (أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) : المعنى : لا يرجون عاقبة .. فوضع الرجاء موضع التوقع أو لا يأملون نشورا كما يأمله المؤمنون أي بعثا بعد هذه الحياة أي بعد الموت أو يكون المعنى : لا يخافون نشورا .. على لغة تهامة.
** (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والأربعين .. المعنى : وإذا رآك الكفرة يا محمد ما يتخذونك إلا هزوا .. يقال : هزئ به ـ يهزأ ـ من باب «تعب» وفي لغة من باب «نفع» بمعنى : سخر منه والاسم : الهزء بضم الزاي وتسكن تخفيفا وقرأ بهما في السبعة.
** سبب نزول الآية : نزلت في أبي جهل فإنه كان إذا مر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مع صحبه قال مستهزئا : أهذا الذي بعثه الله رسولا إلينا!؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
** (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الثانية والأربعين .. المعنى : إنه قارب على أن يصرفنا عن عبادة آلهتنا .. فحذف المضاف «عبادة» وحل المضاف إليه «آلهتنا» محله.
** (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الخامسة والأربعين .. المعنى : كيف بسط الظل .. قال ابن خالويه : إن كل ما في القرآن الكريم من «ألم تر» بمعنى : ألم تخبر أو ألم تعلم .. ونفى أن تكون من رؤية العين كما في الآية الكريمة المذكورة والألف ألف التقرير في لفظ استفهام. وقيل : هي ألف توبيخ بلفظ استفهام .. وإذا كان الخطاب للنبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فالاستفهام تقرير للمخاطب وهو الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وفيه تعريض بالمشركين على سبيل التوبيخ لهم .. فهو من رؤية القلب والعلم لا من رؤية العين. والفعل «رأى» مضارعه «يرأى» سقطت الهمزة تخفيفا. قال ابن قتيبة : يذهب الناس إلى أن «الظل» و«الفيء» بمعنى واحد وليس كذلك .. بل الظل يكون غدوة