وعشية .. و«الفيء» لا يكون إلا بعد الزوال. فلا يقال لما قبل الزوال : فيء. وإنما سمي بعد الزوال «فيئا» لأنه ظل فاء من جانب المغرب إلى جانب المشرق. وقال ابن السكيت : الظل : من الطلوع إلى الزوال. و«الفيء» من الزوال إلى الغروب. وقال رؤبة بن العجاج : كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو ظل وفيء. وما لم يكن عليه الشمس فهو ظل. ومن هنا قيل الشمس تنسخ الظل والفيء ينسخ الشمس. وجمع «الظل» هو «ظلال» و«أظلة» و«ظلل» ويقال : أنا في ظل فلان : بمعنى أنا في ستره. وقال الخليل : لا تقول العرب : ظل .. إلا لعمل يكون بالنهار. وقيل : إن الظل هو في الحقيقة ضوء شعاع الشمس دون الشعاع فإذا لم يكن ضوء فهو ظلمة وليس بظل.
** (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والأربعين المعنى : ثم أزلنا ومحونا الظل فإنه سبحانه حين عبر عن مد الظل بالبسط عبر عن إزالته بالقبض الذي هو بمعنى الكف.
** (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والأربعين .. وفيه شبه سبحانه ظلام الليل باللباس في ستره وجعل النوم راحة لأبدانكم وشبه سبحانه النوم بالممات وشبه اليقظة المعبر عنها بالنشور بالحياة لأن النهار وقت انتشار الناس للعمل وابتغاء الرزق.
** (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين وقوله «بين يدي رحمته» استعارة عن قدوم المطر لأن «بشرا» بمعنى : مبشرة بالغيث أي المطر وهو رحمة الله من السماء إلى الأرض وقوله : أنزلنا : فيه انتقال القول الكريم من الغيبة في «أرسل» إلى المتكلم سبحانه في «أنزلنا» و«طهورا» من صيغ المبالغة فعول بمعنى فاعل ـ أي طاهرا كثير الطهر وهي هنا صفة وتأتي اسما .. أي شيء يتطهر به كالوضوء لما يتوضا به. وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط نجم وطلع آخر قالوا : لا بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى مطر أو رياح فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم فيقولون : مطرنا بنوء الثريا أو بنوء الدبران. وقيل : سمي نوءا لأنه إذا سقط الغارب ناء الطالع أي نهض وطلع وذلك الطالع هو النوء. وقد عد كافرا من نسب الأمطار إلى الأنواء فقط : أي إذا كان لا يراها إلا من الأنواء ويجحد أن تكون هذه الأمطار ومعها الأنواء من خلق الله تعالى كما تدلنا الآية الكريمة على ذلك ..
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٣٤)
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يحشرون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : يجمعون يوم الحساب.