معطوفة على جملة «أراد» الأولى .. وتعرب إعرابها. شكورا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى أو أراد شكر الله على نعمائه.
** (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثانية والستين .. المعنى : أو أراد شكر الله على آلائه ـ أي نعمائه ـ و«شكورا» بضم الشين : يحتمل أن يكون مصدرا كقعد قعودا ـ هذا ما ذكره الجوهري ـ وأن يكون جمعا كبرد ـ بضم الباء ـ وبرود .. وكفر وكفور .. و«الشكران ضد الكفران. ويقال : تشكر له مثل شكر له. باللام .. أما «الشكر فهو الثناء على المحسن بما أولى من المعروف. ويقال شكره وشكر له. وهو باللام أفصح. وقال الفيومي : يقال : شكرت لله : أي اعترفت بنعمته وفعلت ما يجب من فعل الطاعة وترك المعصية ولهذا يكون الشكر بالقول والعمل.
** (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والستين. المعنى والتقدير : وعباد الرحمن الذين هذه صفتهم أولئك يجزون الغرفة. وأضافهم إلى الرحمن تخصيصا وتفضيلا .. و«هونا» بمعنى رفقا وسكينة .. ويقال : هان الشيء يهون هونا .. من باب «قتل» بمعنى : لأن وسهل فهو هين ـ بتشديد الياء ويجوز التخفيف فيقال : هين لين. وأكثر ما جاء المدح بالتخفيف .. أما الفعل : هان ـ يهون ـ هونا ـ بضم الهاء وهوانا فمعناه : ذل واحتقر أي وحقر .. وفيه مهانة أي ذل وضعف.
** (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) : المعنى : قالوا للسفهاء .. أي وإذا خاطب السفهاء عباد الرحمن قالوا تسلما منكم لا نجاملكم ومتاركة لا خير بيننا ولا شر : بمعنى : نتسلم منكم تسلما فأوقع السلام موقع التسلم. وقيل : قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإثم .. والمراد بالجهل : السفه وقلة الأدب. ووردت كلمتا التحية والسلام في آية واحدة في كل من السور الكريمة : يونس : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) وفي سورة «إبراهيم» : (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) وفي سورة «الفرقان» : (وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) وفي سورة «الأحزاب» : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) : ويقال : سلم المؤمن لأمر الله وأسلم له واستسلم .. بمعنى واحد : أي انقاد له سبحانه وخضع. و«الجاهلون» جمع جاهل وهو اسم فاعل وفعله «جهل» من بابي «فهم» و«سلم» و«الجهل» ضد العلم. قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ارحموا عالما ضاع بين جهال «جمع جاهل» جاء قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هذا في سياق رده على سفانة بنت حاتم الطائي حين أسرت عند ما وجه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى طيئ فريقا من جنده يقدمهم علي ـ عليهالسلام ـ فصبح على القوم واستاق خيلهم وغنمهم ورجالهم ونساءهم إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فلما عرض عليه الأسرى نهضت من بين القوم سفانة بنت حاتم فقالت : يا محمد .. هلك الوالد وغاب الوافد .. فإن رأيت أن تخلي عني وتشمت بي أحياء العرب! فإن أبي كان سيد قومه .. يفك العاني ـ أي الأسير ـ ويقتل الجاني ويحفظ الجار ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ويعين على نوائب الدهر وما أتاه أحد في حاجة فرده خائبا .. أنا بنت حاتم الطائي. فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : يا جارية هذه صفات المسلمين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه .. خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق .. وقال فيها : ارحموا عزيزا ذل .. وغنيا افتقر .. وعالما ضاع بين جهال وامتن عليها رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بقومها فأطلقهم تكريما لها .. فاستأذنته في الدعاء له. فأذن لها