المخاطب في محل نصب مفعول به. و«ما» بمعنى «شيء» في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «أفظك» في محل رفع خبر «ما» أما فاعل «أفظ» فهو ضمير مستتر تقديره : هو.
** (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الأربعين. المعنى : فأهلكنا كلا من هؤلاء العتاة أي قوم لوط ـ عليهالسلام ـ أو فكل واحد أو جماعة من المذكورين المتمردين أهلكناه بسبب ذنبه .. فحذف المضاف إليه «واحد» فنون المضاف «كل» بسبب انقطاعه عن الإضافة كما حذف المضاف «سبب» وحل المضاف إليه «ذنبه» محله. فمنهم من أرسلنا عليه ـ أو عليهم ـ لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى ـ حاصبا أي إعصارا أو ريحا حاصبا ـ أي فيه حصباء : بمعنى : حصى صغيرة .. وهم قوم «لوط» وعاد قوم «هود» ومنهم من أخذته الصيحة : أي الصرخة الهائلة الشديدة كمدين وثمود سمعوها من جهة السماء فهلكوا .. ومنهم من خسفنا به الأرض كقارون وقوم لوط وهؤلاء عذبوا بالخسف والحجارة الصغيرة بريح عاصفة فيها حجارة صغيرة أرسلت إليهم من السماء .. ومنهم من أغرقناهم كقوم «نوح» عليهالسلام .. وفرعون وجنوده بسبب ظلمهم أنفسهم بالكفر والمعصية.
** (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والأربعين .. المعنى : نبينها للناس للتنبيه والتقريب للأفهام .. كان الجهلة والسفهاء من قريش يقولون : إن رب محمد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت ويضحكون من ذلك .. فلذلك قال سبحانه : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) أي لا يعقل صحتها وحسنها وفائدتها إلا هم .. لأن الأمثال والتشبيهات إنما هي الطرق إلى المعاني المحتجبة في الأستار حتى تبرزها وتكشف عنها وتصورها للأفهام كما صور هذا التشبيه الفرق بين حال المشرك وحال الموحد على معنى أنه يضربها ليعتبروا بها .. وقوله تعالى في سور كثيرة : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) معناه : بين وأوضح مثلا .. و«العالمون» جمع «عالم» وهو اسم فاعل وفعله «علم» نحو : علم الشيء يعلمه علما : أي عرفه فهو عالم وعلامة : أي عالم جدا والهاء للمبالغة .. أما «العالم» بفتح اللام فهو الخلق وجمعه : عوالم و«العالمون» بفتح اللام هم أصناف الخلق. و«العلم» هو اليقين وجاء بمعنى المعرفة أيضا لاشتراكهما في كون كل واحد مسبوقا بالجهل لأن العلم وإن حصل عن كسب فذلك الكسب مسبوق بالجهل أما قولهم : إذا زل العالم ـ بكسر اللام ـ زل بزلته عالم ـ بفتح اللام ـ فلأن للعالم تبعا فهم به يقتدون. قال الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ قصم ظهري رجلان : جاهل متنسك وعالم متهتك. قال الشاعر :
إن الفقيه إذا غوى وأطاعه |
|
قوم غووا معه فضاع وضيعا |
مثل السفينة إن هوت في لجة |
|
تغرق ويغرق كل ما فيها معا |
وقيل في الأمثال : ظن العاقل خير من يقين الجاهل. وقيل : غضب الجاهل في قوله وغضب العاقل في فعله. ومن أمثالهم قولهم : زلة العالم يضرب بها الطبل وزلة الجاهل يخفيها الجهل. وقيل : رب عالم مرغوب عنه وجاهل مستمع منه.
** (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة السادسة والأربعين .. المعنى : إلا بالخصلة التي هي أحسن .. مثل قوله : ادفع بالتي هي أحسن أو بالطريقة التي هي أحسن الطرق كمقابلة خشونتهم باللين أي جدالا معقولا لبيان الحق فحذف الموصوف «الخصلة .. الطريقة» وحل النعت «التي» محله كما حذف المضاف إليه «الطرق .. الخصال».