** سبب نزول الآية : عن أبي سعيد الخدري قال : لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزل قوله تعالى : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ) : أعجبهم وفرحوا بانكسار الفرس لأنه انتصار لأهل الكتاب.
** (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة. والكلمتان «قبل» و«بعد» مبنيتان على الضم في محل جر وذلك. على تقدير حذف المضاف إليه ونية معناه لا لفظه لأن الأصل : من قبل الغلب ومن بعده فحذف المضاف إليه وقدر وجوده ثابتا. وقيل : إن لفظة «بعد» وهي ظرف زمان ضد «قبل» يلزم الإضافة وهي ظرف مبهم لا يفهم معناه إلا بالإضافة لغيره وهو زمان متراخ عن السابق فإن قرب منه قيل بعيده ـ بالتصغير ـ كما يقال : قبل العصر فإذا قرب قيل : قبيل العصر ـ بالتصغير ـ أي قريبا منه ويسمى تصغير التقريب. ويقال : جاء زيد بعد عمرو : أي متراخيا زمانه عن زمان مجيء عمرو.
** (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة. المعنى : أنهم لا يعلمون إلا ظاهرا واحدا في جملة الظواهر .. ولذلك جاءت الكلمة نكرة وفي هذا التنكير تقليل لمعلومهم وتقليله يقربه من النفي حتى يطابق المبدل منه الوارد في الآية الكريمة السابقة «لا يعلمون» أي يعلمون الأمور الظاهرة التي يشاهدونها وهم عن الآخرة غافلون أي وهم غافلون عن نعيم الآخرة الدائم فحذف المضاف «نعيم» وحل المضاف إليه «الآخرة» محله.
** سبب نزول الآية : ذكر آنفا سبب نزول الآية الكريمة الثانية وما بعدها وإضافة إلى ذلك فثمة رواية أخرى عن سبب نزول هذه الآيات ذكرها المصحف المفسر وهي : حين غزا الفرس الرومان وغلبوهم فرح بذلك مشركو العرب إذ قالوا إن الفرس لا كتاب لهم مثلنا والرومان أهل كتاب مثلكم لأنهم كانوا نصارى ولننتصرن عليكم كما انتصر الفرس .. فحلف أبو بكر بعد ما جاء الوحي بهذه الآية أن الرومان سيعودون فينتصرون. فقالوا له : اجعل لنا موعدا فقدر لذلك ثلاث سنين فقال له النبي : زد في الرهان ومد الأجل فإن «بضع» تعني من ثلاث إلى تسع .. ففعل. وانتصر الرومان في السنة التاسعة.
** (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة .. المعنى : كيف كان عقاب أو مال الأقوام الذين كانوا من قبلهم أي آثار المدمر من عاد وثمود وغيرهم من الأمم المتجبرة فحذف الموصوف «الأقوام» وحلت الصفة «الذين» محله.
** (وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) : المعنى قلبوا وجه الأرض بحثا عن الماء وغيره أي شقوا الأرض وحرثوها وأوجدوا فيها العمران أي أن أولئك المدمرين من عاد وثمود عمروا الأرض عمارة أكثر من عمارة أهل مكة. وهو تهكم بهم وبضعف حالهم. وأنث الفعل «جاءت» مع الفاعل «الرسل» على تأويل معنى جماعة الرسل و«البينات» صفة حلت محل الموصوف المحذوف اختصارا أي الآيات البينات بمعنى : المعجزات الواضحات.
** (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة .. بمعنى : ثم كان مصير الذين أساءوا العقوبة السوأى وقد قدم خبر كان «عاقبة» وأخر اسمها «السوأى» وحذف الموصوف اسم «كان» المؤخر «العقوبة» وأقيمت الصفة «السوأى» مقامه أي أنهم عوقبوا في الدنيا بالدمار ثم كانت عاقبتهم السوأى أي العقوبة التي هي أسوأ